قوله تعالى (قل أرأيتكم) يقرأ بإلقاء حركة الهمزة على اللام فتنفتح اللام وتحذف الهمزة، وهو قياس مطرد في القرآن وغيره، والغرض منه التخفيف. ويقرأ بالتحقيق وهو الاصل، وأما الهمزة التى بعد الراء فتحقق على الاصل، وتلين للتخفيف وتحذف، وطريق ذلك أن تقلب ياء وتسكن ثم تحذف لالتقاء الساكنين
[٢٤٢]
قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التى للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث، وتختلف هذه المعانى على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك، ومنه قوله تعالى " أرأيتك هذا الذى كرمت على " وفى التثنية أرأيتكما، وفى الجمع المذكر أرأيتكم، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة، والكاف حرف للخطاب وليست اسما، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لاجار هنا، أو مرفوعة، وهو باطل أيضا لامرين: أحدهما أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع.
والثانى أنه لارافع لها، إذ ليست فاعلا لان التاء فاعل، ولايكون لفعل واحد فاعلان، وإما أن تكون منصوبة، وذلك باطل لثلاثة أوجه: أحدها أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك: أرأيت زيدا مافعل، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا، والثانى أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ولذلك قلت أرأيتك زيدا، وزيد غير المخاطب، ولاهو بدل منه، والثالث أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء، فكنت تقول: أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن.
وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه.


الصفحة التالية
Icon