آدم آخر، فأما في المستقبل فلا تجمع بين الهمزتين اللتين هما الاصل، لان ذلك يفضى بك في المتكلم إلى ثلاث همزات: الاولى همزة المضارعة، والثانية همزة أفعل التى في آمن، والثالثة الهمزة التى هى فاء الكلمة، فحذفوا الوسطى كما حذفوها في أكرم لئلا تجتمع الهمزات، وكان حذف الوسطى أولى من حذف الاولى لانها حرف معنى، ومن حذف الثالثة لان الثالثة فاء الكلمة والوسطى زائدة، وإذا أردت تبين ذلك فقل: إن آمن أربعة أحرف فهو مثل دحرج، فلو قلت أدحرج لاتيت بجميع ماكان في الماضى وزدت عليه همزة المتكلم، فمثله يجب أن يكون في أومن، فالباقى من الهمزات الاولى والواو التى بعدها مبدلة من الهمزة الساكنة التى هى فاء الكلمة والهمزة الوسطى هى المحذوفة وإنما قلبت الهمزة الساكنة واوا لسكونها وانضمام ماقبلها، فإذا قلت نؤمن وتؤمن ويؤمن جاز لك فيه وجهان: أحدهما الهمز على الاصل، والثانى قلب الهمزة واوا تخفيفا، وحذفت الهمزة الوسطى حملا على أومن والاصل يؤمن، فأما أؤمن فلا يجوز همز الثانية بحال لما ذكرناه، والغيب هنا مصدر بمعنى الفاعل: أى يؤمنون بالغائب عنهم، ويجوز أن يكون بمعنى المفعول: أى المغيب كقوله: هذا خلق الله: أى مخلوقه، ودرهم ضرب الامير: أى مضروبه.
قوله عزوجل (ويقيمون) أصله يؤقومون: وماضيه أقام، وعينه واو لقولك فيه يقوم، فحذفت الهمزة كما حذفت في أقيم لاجتماع الهمزتين، وكذلك جميع مافيه حرف مضارعة لئلا يختلف باب أفعال المضارعة، وأما الواو فعمل فيها ماعمل في نستعين، وقد ذكرناه، وألف الصلاة منقلبة عن واو لقولك: صلوات، والصلاة مصدر صلى ويراد بها هاهنا الافعال والاقوال المخصوصة فلذلك جرت مجرى الاسماء غير المصادر.