قوله تعالى (ومما رزقناهم) من متعلقة بينفقون، والتقدير: وينفقون مما رزقناهم، فيكون الفعل قبل المفعول كما كان قوله يؤمنون ويقيمون كذلك، وإنما أخر الفعل عن المفعول لتتوافق رء وس الآى، وما بمعنى الذى، ورزقنا يتعدى إلى مفعولين، وقد حذف الثانى منهما هنا وهو العائد على " ما " تقديره: رزقناهموه أو رزقناهم إياه، ويجوز أن تكون مانكرة موصولة بمعنى شئ، أى ومن مال رزقناهم فيكون رزقناهم في موضع جر صفة لما.
وعلى القول الاول لا يكون له موضع، لان الصلة لا موضع لها، ولا يجوز أن تكون ما مصدرية لان الفعل لا ينفق، ومن
[١٣]
للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء غاية الانفاق، وأصل ينفقون: يؤنفقون لان ماضيه أنفق، وقد تقدم نظيره.
قوله تعالى (بما أنزل إليك) " ما " هاهنا بمعنى الذى، ولايجوز أن تكون نكرة موصوفة أى بشئ أنزل إليك، لانه لا عموم فيه على هذا، ولا يكمل الايمان إلا أن يكون بجميع ماأنزل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وما للعموم، وبذلك يتحقق الايمان، والقراء ة الجيدة بأنزل إليك، بتحقيق الهمزة، وقد قرئ في الشاذ أنزل إليك بتشديد اللام والوجه فيه أنه سكن لام أنزل وألقى عليها حركة الهمزة فانكسرت اللام وحذفت الهمزة فلقيتها لام إلى فصار اللفظ بما أنزل إليك فسكنت اللام الاولى وأدغمت في اللام الثانية، والكاف هنا ضمير المخاطب وهو النبى صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يكون ضمير الجنس المخاطب ويكون في معنى الجمع، وقد صرح به في آى أخر كقوله " لقد أنزلنا إليك كتابا فيه ذكركم ".
قوله تعالى (وبالآخرة) الباء متعلقة بيوقنون، ولا يمتنع أن يعمل الخبر فيما قبل المبتدإ، وهذا يدل على أن تقديم الخبر على المبتدإ جائز إذ المعمول لا يقع في موضع لا يقع فيه العامل، والآخر صفة والموصوف محذوف تقديره: وبالساعة الآخرة أو بالدار الآخرة كما قال " وللدار الآخرة خير " وقال " واليوم الآخر ".


الصفحة التالية
Icon