وما حرف مؤكد له، و (يأتينكم) فعل الشرط مؤكد بالنون الثقلية، والفعل يصير بها مبنيا أبدا، وماجاء في القرآن من أفعال الشرط عقيب إما كله مؤكد بالنون وهو القياس، لان زيادة " ما " تؤذن بإرادة شدة التوكيد، وقد جاء في الشعر غير مؤكد بالنون، وجواب الشرط (فمن تبع) وجوابه، ومن في موضع رفع بالابتداء، والخبر تبع، وفيه ضمير فاعل يرجع على من، وموضع تبع جزم بمن.
والجواب (فلا خوف عليهم) وكذلك كل اسم شرطت به وكان مبتدأ فخبره فعل الشرط لاجواب الشرط، ولهذا يجب أن يكون فيه ضمير يعود على المبتدإ، ولايلزم ذلك الضمير في الجواب حتى لو قلت: من يقم أكرم زيدا جاز، ولو قلت: من يقم زيدا أكرمه، وأنت تعيد الهاء إلى من لم يجز.
وذهب قوم إلى أن الخبر هو فعل الشرط والجواب، وقيل الخبر منهما ماكان فيه ضمير يعود على من، وخوف مبتدأ وعليهم الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة لما فيه من معنى العموم بالنفى الذى فيه، والرفع والتنوين هنا أوجه
من البناء على الفتح لوجهين: أحدهما أنه عطف عليه مالايجوز فيه إلا الرفع، وهو قوله (ولاهم) لانه معرفة، ولا لاتعمل في المعارف، فالاولى أن يجعل المعطوف عليه كذلك ليتشاكل الجملتان، كما قالوا في الفعل المشغول بضمير الفاعل نحو: قام زيد وعمرا كلمته، فإن النصب في عمرو أولى ليكون منصوبا بفعل، كما أن المعطوف عليه عمل فيه الفعل. والوجه الثانى من جهة المعنى، وذلك بأن البناء يدل على نفى الخوف عنهم بالكلية. وليس المراد ذلك، بل المراد نفيه عنهم في الآخرة.
فإن قيل: لم لايكون وجه الرفع أن هذا الكلام مذكور في جزاء من اتبع الهدى. ولايليق أن ينفى عنهم الخوف اليسير، ويتوهم ثبوت الخوف الكثير.
قيل: الرفع يجوز أن يضمر معه نفى الكثير تقديره: لاخوف كثير عليهم. فيتوهم ثبوت الياء القليل، وهو عكس ماقدر في السؤال.


الصفحة التالية
Icon