قوله تعالى (منه آيات) الجملة في موضع نصب على الحال من الكتاب، ولك أن ترفع آيات بالظرف لانه قد اعتمد، ولك أن ترفعه بالابتداء والظرف خبره (هن أم الكتاب) في موضع رفع صفة لآيات وإنما أفرد أم وهو خبر عن جمع،
[١٢٤]
لان المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة فأفرد على المعنى، ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ماذكرنا في قوله " وعلى سمعهم " ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب، كما قال الله تعالى " فاجلدوهم ثمانين " أى فاجلدوا كل واحد منهم (وأخر) معطوف على آيات، و (متشابهات) نعت لاخر.
فإن قيل: واحدة متشابهات متشابهة، وواحدة أخر أخرى، والواحد هنا لايصح أن يوصف بهذا الواحد فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا، وليس المعنى على ذلك، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع، ولم يوصف مفرده بمفرده.
قيل: التشابه لايكون إلا بين اثنين فصاعدا، فإذا اجتمعت الاشياء المتشابهة كان كل منهما مشابها للآخر، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع، لان كل واحد من مفرداته يشابه باقيها، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى، ونظيره قوله تعالى " فوجد فيها رجلين يقتتلان " فثنى الضمير وإن كان لايقال في الواحد يقتتل (ماتشابه منه) ما بمعنى الذى، ومنه حال من ضمير الفاعل: والهاء تعود على الكتاب (ابتغاء) مفعول له، والتأويل مصدر أول يؤول، وأصله من آل يئول إذا انتهى نهايته، و (الراسخون) معطوف على اسم الله، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا، و (يقولون) في موضع نصب على الحال وقيل الراسخون مبتدأ، ويقولون الخبر، والمعنى: أن الراسخين لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به (كل) مبتدأ: أى كله أو كل منه، و (من عند) الخبر وموضع آمنا وكل من عند ربنا نصب بيقولون.


الصفحة التالية
Icon