قوله تعالى (ماكان الله ليذر) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لان يذر، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير: ماكان الله ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه، وخبر كان هو اسمها في المعنى، وليس الترك هو الله تعالى، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف لان مابعدها قد انتصب، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا، وأصل يذر يوذر، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع لانها في معناها، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة، بخلاف يدع فإن الاصل يودع، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة، إذ الاصل يودع مثل يوعد، وإنما فتحت الدال من يدع، لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك (يميز) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز، وبتشديدها وماضيه ميز، وهما بمعنى واحد، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته، لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد.
[١٦٠]
قوله تعالى (ولا يحسبن) يقرأ بالياء على الغيبة، و (الذين يبخلون) الفاعل، وفى المفعول الاول وجهان: أحدهما (هو) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون. والثانى هو محذوف تقديره البخل، وهو على هذا فصل، ويقرأ " تحسبن " بالتاء على الخطاب، والتقدير: ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون، فحذف المضاف وهو ضعيف لان فيه إضمار البخل قبل ذكر مايدل عليه، وهو على هذا فصل أو توكيد، والاصل في (ميراث) موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد.