هو الإمام العالم العامل العلامة : أبو الخير محمد شمس الدين بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري، وبعضهم اقتصر على : محمد بن محمد بن محمد لكن الإمام النويري في شرحه للطيبة صرح بأنها أربعة محمدات، والجزري نسبة إلى جزيرة ابن عمر بديار بكر من أعمال سوريا، ولد رضي الله تبارك وتعالى عنه بدمشق سنة إحدى وخمسين وسبعمائة من الهجرة سمع الحديث من العالم الفاضل صلاح الدين محمد بن إبراهيم المقدسي بن عبد الله المقدسي الحنبلي، ومن الشيخ ابن أميلة أبو حفص عمر بن زيد بن جعفر المراغي، ومن المحب بن عبد الله، وكلهم عن الفخر بن البخاري، ومن غيرهم كالقاضي زين الدين بن عبد الرحيم الأسنوي الشافعي، وأيضا سمع من ابن عسكر رضي الله عنهم أجمعين، وابن عميرة وغيرهم.
واشتهر بعلمي القراءات والحديث حتى برع فيهما، ومهر وفاق جميع أهل عصره، وتفقه على الشيخ عماد الدين بن كثير صاحب التفسير، وهو أول من أذن له في الفتوى والتدريس، وولي مشيخة الصالحية ببيت المقدس مدة، وقدم القاهرة مراراً وسمع من المُسْندِينَ بها، وبنى بدمشق داراً للقرآن فجزاه الله عنا خيراً، ثم ارتحل إلى بلاد الروم ومكث بها حتى دهمها المشركون فانطلق إلى بلاد فارس، وتولى بها قضاء شيراز وغيرها، وانتفع به أهل تلك الناحية في الحديث والقرآن، ثم حج وقدم القاهرة، وحج منها مرة أخرى، وأقام بمكة أشهراً، ثم رحل إلى اليمن ثم عاد منها إلى مكة مرة أخرى، فحج ثم قدم القاهرة في كل ذلك يُعَلِّم وينتفع به الناس في القرآن والحديث، وله في سائر العلوم باع طويل حتى أني سألت شيخي يوماً : ما العلم الذي لا يحسنه ابن الجزري ؟. فقال : ما من علم إلا وأتقنه ابن الجزري.
وله تأليفات في القرآن تجويداً، ووقفاً وابتداءً، وتفسيراً، وأسباب نزول، وفي المصطلح، وفي الحديث، وفي الطب، وفي الحساب، وكل علم يخطر على البال لابن الجزري فيه نصيب.