والفيصل في ذلك : أن القارئ إذا كان على علم بالموسيقى وتعمَّد القراءة بمقام ما من مقامات الموسيقى ؛ فإن كان متعمداً لذلك مع المحافظة على القرآن كره له ذلك تنزيهاً، وإن تجاوز في التلاوة، ومطط، وزاد في المدود حرم ذلك ودخل في دائرة من يلعنه القرآن والعياذ بالله.
والمراد بالذين لا يجاوز حناجرهم من لا يعملون به أو يتدبرونه قال تعالى :( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ).
قال الناظم :
(وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ)
أي التجويد فرق.
(إِلاَّ رِيَاضَةُ امْرِئٍ بِفَكِّهِ)
يعني بين صحة القراءة وعدمها رياضة الفم.
وكل ما مضى حتى الآن إنما هو بيان لمخارج الحروف وصفاتها وفضل التجويد وثوابه.
وسبق أن نبهت في أول كلامي في هذا الشرح أني أعول على صحة التلاوة وأحكامها ويلزم من ذلك ذكر ما لم يذكره الإمام ابن الجزري فأقول وبالله التوفيق :-
المبحث الأول
في الاستعاذة وأحكامها
وأتكلم :
أولاً : في حكمها، ثانياً : في صيغها، ثالثاً : في شروط الجهر بها، رابعاً : في وجوهها مع البسملة والمبدوء به، وتسمى بأوجه الاستفتاح، خامساً : في كيفية النطق بها، فأقول وبالله التوفيق :
أما حكمها :
فالمتفق عليه أنها مندوبة، وقال فقهاء الظاهرية وعلماؤهم : أنها واجبة لقول الله تبارك وتعالى في سورة النحل :( وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) جعلوا الأمر للوجوب.
قلنا : لو كانت واجبة لكتبت في المصحف ولو مرة ولم يكن ذلك فدل على أن الأمر للجواز والاستجاب.
وقال الإمام النخعي : بحسب الإنسان أن يتعوذ في عمره مرة.