غَيَّب الضمير ليدل على عظمة المضمر عليه أي القرآن، والمعنى هذه أرجوزة تجمع فيها ما يجب علمه على قارئ القرآن من أحكام التلاوة.
(إذْ وَاجِبٌ عَلَيْهِمُ )
أي على القراء.
( مُحَتَّمُ ) تأكيد للوجوب.
(قَبْلَ الشُّرُوعِ ) أي في القراءة.
( أَوَّلاً أَنْ يَعْلَمُوا )
أقول إن هذا الوجوب على من نقصت تلاوته نقصاً مخلاً بأحكام القرآن، والنقص في التلاوة نوعان نقص يسمى :( اللحن الجلي )، ونقص يسمى :( اللحن الخفي ) :
فاللحن الجلي : كأن ينصب مرفوعاً أو يجر منصوباً، فهذا هو اللحن الجلي، فمثل هذا الصنف هو المعني بقوله :( إذ واجب عليهم محتم ).
أما أصحاب اللحن الخفي بأن ترك إخفاءاً أوترك مداً أو قَصَر لازماً، أو أظهر إدغاماً أوترك إخفاءا، فإن مثل هذا يُرشَد ولا يُتَحَتَّم عليه الوجوب، بل يسن له أن يتعلم التجويد ليكون من المهرة بالقرآن طلباً للمنزلة العليا، فقد قال الرسول ﷺ :( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )(١)، ولم يقل رسول الله ﷺ أن قراءته فاسدة أو باطلة، ومن هنا نعلم أن المعنيين بالوجوب المُحَتَّم هم أصحاب اللحن الجلي لا أصحاب اللحن الخفي.
ثم قال:
....................................... أن يعلموا
مخارج الحروف و الصفات... ليلفظوا بأفصح اللغات
( المخارج ) : جمع مخرج، والمخرج للحرف هو المكان الذي يخرج منه الحرف كاللسان، أو الشفتين، أو الجوف، أو الحلق.
ويمثل ذلك : بمكان الميلاد للإنسان فإن عرف أين ولد ؟. وما بلده ؟. فذلك بمنزلة المخرج للحرف، ومادمنا قد عرفنا أين ولد ؟ وما بلده ؟ عرفنا صفته، وكيفية معاملته، وهل هو ضَيِّق الأخلاق ؟. أم هو رحب الصدر ؟. أم هو سهل، أم هو صعب، وهكذا... وهذا معنى المخارج والصفات.