فإن قلت : أ ليست رؤوس آيات ؟، قلنا : للبيان لا لحتمية الوقف، وإنما يوقف على رؤوس الآيات إذا لم تخل بالمعنى، وإلا فقل لي بربك : أتستطيع أن تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ( من دون الله قالوا ضلوا عنا ) ما معنى هذا ؟ وكأن القائل يقول لي : الوقوف على رؤوس الآيات سنة متبعة. أقول : وتدبر كلام الله فرض، وهوأعظم وأقوى من السنة.
ومن الوقوف التامة التي لم يشر إليها كُتَّاب المصحف ـ رحمهم الله ـ قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) فالوقف على ( سمعهم ) تام لأن الواو عطف مغايرة، بينما يستحق الختم وما يستحق الإشارة فإن لم يكن تاماً فهو كافٍ.
ومنه في سورة النحل ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر ) وتقف. ثم تبدأ ( والنجوم مسخرات ) على أنه عطف مغايرة وإنما لا يصلح الوقف عليه على قراءة من قرأ ( والنجومَ )(١) أما على من قرأه ( والنجوم )(٢) وهو حفص فالوقف على هذا كافٍ على الأقل على أن الشمس والقمر والليل والنهار نعم كبرى، والنجوم أقل منها شأناً.
ومثال قوله تبارك وتعالى ( ففديةٌ من صيام أو صدقة أونسك ) ثم يبدأ القارئ فيقول ( فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة ) أهذا كلام ! أين جواب الشرط ( فإذا أمنتم ) ؟ لا بد من الوقف على قوله ( فإذا أمنتم ) أي إذا أمنتم يا من أحصرتم ولم تتموا العمرة فأتموا العمرة، فجواب الشرط محذوف تقديره : فإذا أمنتم يا من لم تتموا العمرة وأحصرتم ( فأتموا )، هذا جواب الشرط في ( فإذا أمنتم )، ( فمن تمتع ) كلام آخر جوابه ( فما استيسر من الهدي )، وبذلك يستقيم المعنى.

(١) بالنصب في ( النجوم )
(٢) أي برفع ( النجوم )


الصفحة التالية
Icon