ومن الوقوف التامة التي غفل عنها كتاب المصحف قوله تبارك وتعالى :( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم ) في سورة الأنعام، لابد أن يوقف على ( حرم ربكم ) وألا توصل، ولا يوقف علي ( عليكم )، لأننا لو وصلناها وقلنا :( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا )، أو لو وقفنا على :( حرم ربكم عليكم ) لوقعنا في مأزق لغوي خطير إذ أننا لو قلنا :( حرم ربكم عليكم )، وقلنا ( ألا تشركوا ) إذا حرم علينا ربنا ألا نشرك فماذا أحل لنا ؟. أحل لنا ( أن نشرك )، و ( حرم ربكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ) وحرم علينا أن نحن إلى والدينا، ( ولا تقتلوا ) حرم علينا ألا نقتل وأحل لنا أن نقتل ! لذا فالوقف على ( حرم ربكم ) ثم نبدأ (عليكم ألا تشركوا به شيئاً ) أي فرض عليكم وكتب عليكم وأوجب، وبهذا يستقيم المعنى، وقد غفل كتاب المصحف عن هذا، فغفر الله لنا ولهم.
ومن قوله :( عليكم ألا تشركوا به شيئاً ) إلى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) هذا هو الوقف التام، وما سوى ذلك حسن.
ومن الوقوف التامة في قوله :( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة ) وتقف ثم تبدأ :( من الأرض إذا أنتم تخرجون )، جميع القراء يقرؤون :( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) ويقفوا :( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ). مَن الداعي ؟. الله، فكيف تقول :( دعوة من الأرض ) وهو منزه عن الحلول، والجهة، والاتصال، والانفصال، والسعة ! فلو وصلنا ( دعوة من الأرض ) فقد حوَّزْنَا ربنا وجعلنا له مكاناً.
قال العلامة الكسائي في بيان الوقف والابتداء : مَن وصل ( دعوة ) بما بعدها بالرُّوم فقد جهل ربه.