وكذلك في سورة الفتح عند قوله تعالى :( إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً ) من المُسَبَّح هنا ؟ هل الله أم رسوله ؟. فالجواب الوقف على قوله :( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه ) لنفصل بين ضمير رسول الله ﷺ وضمير الحق جل وعلا إذ لا يُعقل أن يقول مسلم : سبحانك يا محمد ! وقد غفلت المصاحف عن هذا الوقف ولم ينبه أحد عليه.
والوقف على ( مبشراً ونذيراً ) ليس بتام لوجود لام التعليل، ولكنه من قبيل الحسن ولو وُصل لكان أجود، نقول :( إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. وتسبحوه بكرة وأصيلاً )، والوقف قبل لام التعليل ليس تاماً ولا كافياً، وإنما يُتجاوز عنه إن كان رأس آية، فإن لم يكن رأس آية فلا بد من وصله، مثال :( لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله )، ( وليبتلي الله ما في قلوبكم وليمحص )،( وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية )، وقس على ذلك.
وإذا طال المعنى في آية، مثل قوله تعالى ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله ) هذا حسن، ولكنه معفوٌ عنه لطول القصة، ( قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ) هذا أيضاً حسن، ( قالوا ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ) هذا هو الكافي، فالأولَين حسن والثالث كاف، وقد يُعفى عن مثل ذلك لطول الكلام، لكن إذا طال النفَس استُحب الوصل.
والوقف على ( تولوا إلا قليلاً منهم ) تام.
وما ذكرته من الوقوف ليس على سبيل الحصر وإنما لنقيس عليها ما شابهها، فليس المصحف مرجعاً للوقوف، فليُراعى ذلك.
ومما ينبغي التنبيه عليه :