وثَم موضع سادس وهو في قوله تعالى ( ما أغنى عني ماليَهْ. هلك ) بسورة الحاقة، فلحفص وجهان هنا : إما أن يقرأ ( مالِيَهَّلَك ) بإدغام الهاء في الهاء، ويسمى إدغام مِثلين صغير. وإما أن يسكت على ( ماليهْ ) مقدار حركتين بلا تنفس مستأنفاً ( هلك ) هكذا ( ما أغنى عني ماليهْ. هلك ).
وقد نظم العلامة السمنودي في الوقف والقطع والسكت كلاماً نفيساً، قال في كتابه لآلئ البيان :

الوقف تامٌ حيث لا تعلُّقا فيه وكافٍ حيث معنى عُلِّقا
قِف وابتدئ وحيث لفظاً محسن فقِف ولا تبدأ وفي الآي يُسَن
وحيث لم يتمّ فالقبيح قِِف ضرورةً وابدأ بما قبلُ عُرف
ولم يجب وقفٌ ولم يحرُم عدا ما يقتضي من سببٍ إن قُصدا
والقطع كالوقفِ وفي الآيات جا واسكت على مرقدنا وعوجا
بالكهف مع بل ران من راق ومرّ خُلفٌ بماليه ففي الخمس حصر
وأعتقد أني قد أطلتُ النفَس بما فيه الكفاية في هذا الباب، وأسأل الله أن أكون قد رُزقت توفيقاً والله تعالى أعلم.
المبحث الثالث عشر
في همزة الوصل
اعلم أن همزة الوصل تثبت ابتداءً وتُحذف في الدَّرَج ( أي وصلاً )، وكما أن الوقف أصله السكون، كما قال الإمام الشاطبي :
والإسكان أصل الوقف وهو اشتقاقه من الوقف عن تحريك حرف تعزلا
كان الابتداء بمحرَّكٍ ولا بد.
وقد كره العرب الوقف على محركٍ والابتداء بالساكن، فإذا كان الابتداء بساكن نحو قوله ( الأخلاء يومئذ )، ( الآن خفف الله عنكم ) احتيج إلى همزة الوصل للتوصل بها إلى الابتداء بالساكن، وهذا فيما أعتقد سبب تسميتها بهمزة الوصل، فلولا همزة الوصل ما صِيغ الابتداء باللام الساكنة.
وتأتي همزة الوصل في : الأسماء والأفعال.
فهي بالأسماء في القرآن الكريم في سبع كلمات وهي : اسم، وابن، وابنة، واثنان، واثنتان، وامرئ، وامرأة، وتأتي في ثلاثة أسماء أُخر لكن ليس في القرآن منها شيء وهي : أست، وابنُم، وأيم يعني أيمُ الله.


الصفحة التالية
Icon