"وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا"١.
وأورد ابن جرير - رحمه الله - ما يؤيد هذا المعنى من قول معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه "ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ: ثلاث وهن المنجيات: الإخلاص، وهو الفطرة ﴿فطرَة اللهِ الَّتِي فَطرَ الناسَ عَلَيْهَا﴾ والصلاة وهي الملة، والطاعة وهي العصمة، قال عمر: صدقت"٢.
والفرق بين المعنيين: أن المعنى الثاني وهو معرفة الله وتوحيده أخص من الإسلام، فهو أصله وأساسه، والكلام في الفطرة التي فُطر الناس عليها من حيث: هل فطروا على معرفة الله وتوحيده؟ أم على الإسلام كله؟ أم عليهما معا ولكن كل منهما باعتبار؟
والاختيار الأخير هو المتعين، ويكون كلا المعنيين صحيحاً، وذلك أنه تقدم أن الفطرة لها معنيان:
(أحدهما) : ما ركز في النفوس وأعطيت إياه في أصل الخلق.
٢ جامع البيان، لابن جرير، (١٠/١٨٢).