(والثاني) : ما ركز فيها من الداعي إلى الشيء أو إلى تركه.
فالقول بأن الفطرة هي معرفة الله وتوحيده يراد به المعنى الأول، وأنه رُكز في النفوس ذلك وفُطرت عليه.
والقول بأن الفطرة هي الإسلام يراد به المعنى الثاني بالنظر إلى ما أوجد الله في النفوس وفطرها عليه من الاستعداد والترجح لقبول الحق ومعرفته إذا عرض عليها، وأنها خلقت سوية تتعرف على الخير وتنشرح له وتقبله، وتنفر من الشر وتشمئز منه، وتستدعي ما يناسب ما أودع فيها من معرفة الله وتوحيده ومحبته - الذي هو أصل الإسلام- فهي بذلك مهيأة لقبول الإسلام إذا عرض عليها بواسطة الرسل أو أتباعهم والذي يوافق ما جبلوا عليه.
فالذي قال: الفطرة هي معرفة الله وتوحيده ومحبته، نظر إلى ما ركز في النفوس وجبلت عليه.
والذي قال: هي الإسلام أراد أنهم قد جبلوا على أصل الإسلام وهو التوحيد ومعرفة الله ومحبته، وأن ذلك يستدعي ويستلزم تمامه وقبول سائر شعائره.
وعلى هذا فأصل الإسلام الذي هو معرفة الله وتوحيده ومحبته والخضوع له من موجب الفطرة، لا يتوقف أصله على غيرها. أما الإسلام الذي هو كمال الاستقامة على التوحيد والعبادة فهو يتوقف على غيرها - مما جاء به الرسل - وهي تستدعيه، ويجب حصوله فيها إذا عرض


الصفحة التالية
Icon