هما أصل السعادة:
أحدهما: أن خلقهم في أصل النشأة على الفطرة السليمة، فكل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يخرجانه عنها... فإذا تركت النفس وفطرتها لم تؤثر على محبة باريها وفاطرها وعبادته وحده شيئاً، ولم تشرك به، ولم تجحد كمال ربوبيته، وكان أحب شيء إليها وأطوع شيء عندها....
والأمر الثاني: أنه سبحانه هدى الناس هداية عامة بما أودعه فيهم من المعرفة ومكنهم من أسبابها، وبما أنزل إليهم من الكتب وأرسل إليهم من الرسل وعلمهم ما لم يكونوا يعلمونه"١.
وما رسخ في الفطرة هو الأساس الذي يستند إليه كل نظر صحيح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "البرهان الذي يُنال بالنظر فيه العلم لا بد أن ينتهي إلى مقدمات ضرورية فطرية، فإن العلم النظري الكسبي هو ما يحصل بالنظر في مقدمات معلومة بدون النظر، إذ لو كانت تلك المقدمات أيضاً نظرية لتوقفت على غيرها، فيلزم تسلسل العلوم النظرية في الإنسان، والإنسان حادث كائن بعد أن لم يكن، والعلم الحاصل في قلبه حادث، فلو لم يحصل في قلبه علم إلا بعد علم قبله، للزم أن لا يحصل في قلبه علم

١ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص (٣٥٣).


الصفحة التالية
Icon