ابتداء، فلا بد من علوم بديهية أولية يبتدئها الله في قلبه، وغاية البرهان أن ينتهي إليها"١.
والمتأمل لهذا الكلام من شيخ الإسلام - رحمه الله - يجد أنه دقيق المعنى عظيم الفائدة، إذ بين أن الفطرة أصل لكل نتيجة من الحق يتوصل إليها بنظر العقول.
وعلى هذا تكون الفطرة مشابهة للبذرة الصغيرة، التي تحمل في طياتها كل عوامل الوراثة للنبات من شكل الجذع والأغصان والأزهار ولونها، وشكل الثمرة ولونها وطعمها وما إلى ذلك.
وكل ما يحدث في الشجرة من خلقها فأصله كائن في بذرتها.
فتبارك الله أحسن الخالقين الذي جعل في نفوس الناس بذور الخير والحق والصلاح الذي يتضمن أو يستلزم ما تكتمل به سعادتهم في الدين والدنيا، إذا سُقي بمعين الوحي الصافي، واستخرج بالنظر الصحيح، كما جعل في بذور النبات أسرار خلقها ومقومات اكتمالها وثمرها إذا سقيت بالماء الصالح وهيئت لها الظروف المناسبة.
ومما تقدم يتبين أن الله أعان عباده بثلاثة أمور هامة تسهم إذا استجابوا لموجبها في هدايتهم:

١ درء تعارض العقل والنقل، (٣/٣٠٩).


الصفحة التالية
Icon