وهذا المعنى كثير في القرآن الكريم، حيث يلفت الله عقول الناس إلى ما في تلك الآلهة المزعومة من نقص وعيب، وأنها مُدبَّرة، مقهورة عاجزة، مما يوجب للعقول السليمة القطع بعدم أهليتها لما زعم لها من الألوهية.
والذين أُلهوا وعُبدوا مِن دون الله إما أن يكونوا من الأحياء كالملائكة والأنبياء والصالحين ونحوهم، وإما أن يكونوا من الجمادات؛ وكلا هذين الصنفين ورد له ما يناسبه من الآيات التي تبين ما فيه من النقص والعيب.
فما ورد فيمن عُبِدَ مِن دون الله من الأنبياء، قوله تعالى في حق عيسى بن مريم - عليه السلام -: ﴿مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ﴾ ١.
قال ابن جرير - رحمه الله -: "خبر من الله تعالى ذكره عن المسيح وأمه أنهما كانا أهل حاجة إلى ما يغذوهما، وتقوم به أبدانهما من المطاعم والمشارب، كسائر البشر من بني آدم. فإن من كان كذلك غير كائن إلها، لأن المحتاج إلى الغذاء قوامه بغيره، وفي قوامه بغيره، وحاجته إلى ما يقيمه دليل واضح على عجزه،

١ سورة المائدة آية (٧٥).


الصفحة التالية
Icon