"ولكن الله جل ثناؤه قد أخبر في كتابه عنها١ أنها كانت تقر بوحدانيته٢، غير أنها تشرك في عبادته ما كانت تشرك منها. فقال جل ثناؤه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلتَْهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ ٣، وقال: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنْ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنْ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾ ٤.
فالذي هو أولى بتأويل قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية الله، وأنه مبدع الخلق وخالقهم، ورازقهم نظير الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين... أن يكون تأويله ما قاله ابن عباس وقتادة، من أنه يعني بذلك كل مكلف، عالم بوحدانية الله، وأنه لا شريك له في خلقه، يشرك معه في عبادته غيره، كائنا من كان من الناس عربيا كان أو أعجميا، كاتبا كان أو أميا....."٥.

١ عن العرب كما تقدم في كلامه.
٢ يعني توحيد الربوبية، كما بينه بعد ذلك بقوله: (عالم بوحدانية الله، وأنه لا شريك له في خلقه... ).
٣ سورة الزخرف آية (٨٧).
٤ سورة يونس آية (٣١).
٥ جامع البيان، (١/٢٠٠).


الصفحة التالية
Icon