إدْخَالِ النَّسِيءِ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي وَقْتِ الْحَجِّ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، فَلِذَلِكَ أَخَّرَ الْحَجَّ عَنْ تِلْكَ السَّنَةِ لِيَكُونَ حَجُّهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ فِيهِ الْحَجَّ لِيَحْضُرَ النَّاسُ فَيَقْتَدُوا بِهِ. وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ فَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ فَرْضُ الْحَجِّ بَاقِيًا مُنْذُ زَمَنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْحَجَّ الَّذِي فَعَلَهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَ هُوَ الْفَرْضُ وَمَا عَدَاهُ نَفْلٌ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْحَجَّ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَنْ أَوَّلِ أَحْوَالِ الْإِمْكَانِ.
بَابُ الْحَجِّ مَاشِيًا
رَوَى مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَنِّي وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ حَجَجْتُ مَاشِيًا; لِأَنَّ اللَّهَ تعالى يقول: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: "أَنَّ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ حَجَّا مَاشِيَيْنِ". وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعُرَنِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي فِي شَيْبَتِي إلَّا أَنْ لَمْ أَحُجَّ رَاجِلًا، وَلَقَدْ حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ، وَلَقَدْ قَاسَمَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إنَّهُ لَيُعْطِي النَّعْلَ وَيُمْسِكُ النَّعْلَ وَيُعْطِي الْخُفَّ وَيُمْسِكُ الْخُفَّ". وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ زِرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "كَانُوا يَحُجُّونَ وَلَا يَرْكَبُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾. وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: "كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَتُقَادُ دَوَابُّهُ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْله تَعَالَى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْحَجِّ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا، وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ السَّلَفِ فِي اخْتِيَارِهِمْ الْحَجَّ مَاشِيًا وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ مَاشِيًا أَفْضَلُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُفْصِحُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ أُمَّ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ قَدْ لَزِمَتْ بِالنَّذْرِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا هَدْيًا عِنْدَ تَرْكِهَا الْمَشْيَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ رَوَى جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ: ﴿مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ قَالَ: "بَلَدٌ بَعِيدٌ". وَقَالَ قَتَادَةُ: "مَكَانٌ بَعِيدٌ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْفَجُّ الطَّرِيقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ طَرِيقٍ بَعِيدٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: "الْعُمْقُ الذَّاهِبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْعُمْقُ الذَّاهِبُ فِي الْأَرْضِ". قَالَ رُؤْبَةُ:
وَقَاتِمِ الْأَعْمَاقِ خَاوِي المخترق
بَابُ الْحَجِّ مَاشِيًا
رَوَى مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَنِّي وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ حَجَجْتُ مَاشِيًا; لِأَنَّ اللَّهَ تعالى يقول: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: "أَنَّ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ حَجَّا مَاشِيَيْنِ". وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعُرَنِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي فِي شَيْبَتِي إلَّا أَنْ لَمْ أَحُجَّ رَاجِلًا، وَلَقَدْ حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ، وَلَقَدْ قَاسَمَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إنَّهُ لَيُعْطِي النَّعْلَ وَيُمْسِكُ النَّعْلَ وَيُعْطِي الْخُفَّ وَيُمْسِكُ الْخُفَّ". وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ زِرٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "كَانُوا يَحُجُّونَ وَلَا يَرْكَبُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾. وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: "كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَتُقَادُ دَوَابُّهُ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْله تَعَالَى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْحَجِّ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا، وَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ السَّلَفِ فِي اخْتِيَارِهِمْ الْحَجَّ مَاشِيًا وَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ مَاشِيًا أَفْضَلُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُفْصِحُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ أُمَّ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ قَدْ لَزِمَتْ بِالنَّذْرِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا هَدْيًا عِنْدَ تَرْكِهَا الْمَشْيَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ رَوَى جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ: ﴿مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ قَالَ: "بَلَدٌ بَعِيدٌ". وَقَالَ قَتَادَةُ: "مَكَانٌ بَعِيدٌ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْفَجُّ الطَّرِيقُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ طَرِيقٍ بَعِيدٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: "الْعُمْقُ الذَّاهِبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْعُمْقُ الذَّاهِبُ فِي الْأَرْضِ". قَالَ رُؤْبَةُ:
وَقَاتِمِ الْأَعْمَاقِ خَاوِي المخترق