وإذا بلغ خلافاً يتعلق باجتماع كلمتين كالإدغامات والمدود العارضة والمنفصلة وقف على الثانية منها، ثم يعيد أوجه القراءات حتى يستوفي الأحكام.
وقد أخذ قراء مصر بهذا المذاهب، وهو بلا شك أسهل في الأداء، ولكن أداء القراءة على هذا الوجه يذهب بكثير من دلالات الآي وربما غير معانيها، وأدى إلى ضياع الخشوع والهيبة المتوخاة من القراءة أصلاً.
الثاني: الجمع بالوقف:
وهو أن يتلو القارئ الآية حتى يبلغ موضع الوقف، ثم يتحرى هذا المقطع من مظان الاختلاف فيأتي بها، لكل راو بمفرده، حتى يستوفي وجوه الروايات.
وقد أخذ الشاميون بهذا المذهب، ولا يزالون يقرؤون به، وبه أقرأنا مشايخنا وأقرَأْنا إخواننا، وهو الأجود في التلقي والحفظ والأداء، وأليق بالخشوع في تلاوة الآي، ولكنه بالطبع يحتاج زمناً أطول.
الثالث: جمع التوافق
وهو الذي التزمه ابن الجزري وأقرأ به، وهو مركب من المذهبين السابقين، وقد شرحه ابن الجزري بقوله:
ابتدئ بالقارئ، وأنظر إلى من يكون من القراء أكثر موافقة له، فإذا وصلت إلى كلمة فيها بين القارئين اختلاف وقفت، وأخرجته معه ثم وصلت حتى أنتهي إلى الوقف السائغ جوازه.
وتحقق هذه الطريقة غاية الطريقتين السالفتين في الاختصار، والتلاوة المفهمة، ولكنها عسيرة على المبتدئ إذ ينعدم فيها ترتيب القراء وفق قاعدة منتظمة. (٤٩٠)
الرابع: الجمع بالآي
وهو أن يقرأ المقرئ القرآن آية آية، متبعاً في ذلك للمأثور في السنة فيما روته أم سلمة رضوان الله عليها قالت: "كانت قراءة النبي - ﷺ - آية آية" (٤٩١)
فيقرأ القارئ بالآية إلى رأسها، ثم يعيد الآية مرة لكل رواية فيها خلاف، وفق ترتيب منتظم، وغالباً ما يلزم ترتيب الشاطبية والدرة.
وهذا المذهب هو أكثر المذاهب رعاية لأدب التلاوة، ولكنه يستغرق وقتاً طويلاً إذ لابد من إعادة الآيات الطوال مرات كثيرة بالرغم من أن نقاط الخلاف قد تكون نادرة وقليلة.
كما يرد عليه أن ثمة رؤوس آي لا يحس الوقف عليها عند بعض القراء، وهذا يمكن تجاوزه بوصل آيات مخصوصة.
------------
(٤٩٠) النطق بالقرآن العظيم للجماس جـ٢ ص ٧
(٤٩١) أخرجه أبو داوود في سننه في كتاب الحروف، والترمذي في ثواب القرآن، والإمام أحمد في مسنده جـ٦ ص ٣٠٢، وهو اختيار البيهقي في شعب الإيمان، وإسناده عند أحمد عن يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة، وهو رباعي، ورواته ثقات. انظر تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني:
يحيى بن سعيد الأموي جـ٢ ص ٣٤٨
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج جـ١ ص ٥٢٠
عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة جـ١ ص ٤٣١
المبحث الثالث: سبل جمع القراءات
هناك سبيلان لجمع القراءات: