(٢٣٠) محمد بن السميفع: ولد في اليمن وتعلم فيها، رحل في طلب العلم، ثم استقر بالبصرة.
(٢٣١) انظر الفهرست لابن النديم ص ٣٠
المبحث التاسع: التمييز بين القراءة والرواية والطرق
تكونت لدينا صورة عامة عن التفريق بين هذه التسميات، بعد الذي قدمناه في الفصول السالفة ولكن من المفيد أن نعود هنا إلى توضيح قواعد التمييز بين هذه المسميات وفق استعمال علماء القراءة.
وحيثما يختل شرطٌ أثبتِ * شذوذَه لو أنه في السبعةِ (٢١٠)
القراءة:
درج القراء على إطلاق لفظ القراءة على ما أقرأ به الأئمة القراء، والقارئ المقصود هنا هو من انفرد بأصول خاصة في الأداء، فكان له مثلاً مذهب في الهمزات أو الإدغامات أو اللامات أو غير ذلك، فيقرأ الناس من بعده على منواله، على أساس أنه تصدر للإقراء بهذا اللون من الاختيار، ولا يخفى هنا أنه يشترط في القراءة المتواترة تحقق الشروط الثلاث المتفق عليها وهي تواتر السند وموافقة المصحف الإمام وموافقة العربية ولو بوجه.
ولن نبلغ قولاً فصلاً يمتاز به صنيع القراء في هذا المقام فرب إمام أطلق عليه اسم قارئ وما هو بقارئ، وبحسبك هنا أن تذكر الأئمة العشرة المتفق على تسميتهم بالقراء وهم: نافع المدني وابن كثير المكي وأبو عمرو البصري وابن عامر الشامي وعاصم وحمزة والكسائي الكوفيون ويعقوب الحضرمي وأبو جعفر وخلف القارئ.
الرواية:
وقد شاع منذ القدم إطلاق لفظ الرواية على صنيع الرواة الذين أخذوا عن الأئمة القراء، فيقال حفص راوية عاصم، وقالون راوية نافع.. وهكذا.
وقد تقدم أنهم اختاروا لكل إمام قارئ راويين اثنين يتحملان عنه، واعتمدوا اختيار كل منهما عن الإمام القارئ.
وليس يشترط أن يعاصر الراوي شيخه القارئ بل يكفي أن يكون متأخراً عنه في الزمن، وكثير من الرواة أخذوا عن الأئمة القراء بأسانيد، وأسانيدهم محفوظة معتمدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن القارئ الإمام قد يروي له مئات من طلبة العلم، ومذهب القراء في ذلك أن ما نقله الراويان المعتمدان هو القراءة المتواترة المشروعة، أما ما رواه عنهم غيرهما فإنه لا يخلو أن يكون موافقاً للراويين أو لأحدهما أو مخالفاً لهما.
فإن كان موافقاً لهما أو لأحدهما ـ وهو الغالب ـ فهي الرواية عينها وليس عليها اعتراض، والأليق هنا أن تنسب إلى الراوية الأصل دفعاً للالتباس.
وإن كان النقل مخالفاً لأداء كل من الراويين ـ وهو نادر فيما روي عن الثقات ـ فإنه حينئذ يدرج في القراءة الشاذة، ولا محمل محل القراءة المتواترة، بل هو من وهم الرواة.
وهذا التأليف الذي قدمناه يحل الإشكال الذي طرحه بعض القراء حول الإنكار على الاقتصار على الراويين فيما يروى عن الأئمة القراء، ومن هؤلاء أبو حيان الأندلسي المفسر.
الطريق:
والطريق هو الإسناد الذي تحدرت منه الروايات من الأئمة الرواة إلى زماننا هذا، فكل إسناد طريق، ولا يخفى هنا أن لكل قراءة يقرأ بها الناس اليوم أكثر من ألف طريق، ومن يستطيع عد ذلك أو حصره؟ وهو إنما يكثر كل يوم، إذ كلما أتقن قارئ وتصدر للإقراء صار إسناده طريقاً لمن بعده، ولكن غلب إطلاق الطرق على القراء الذين تلقوا عن الرواة مباشرة في الطبقة الأولى كما وضحته الجداول.


الصفحة التالية
Icon