أن هذه الأحرف كلها على اختلافها كلام الله تعالى لا مدخل لبشر فيها، بل كلها نازلة من عنده تعالى مأخوذ بالتلقي عن رسول الله - ﷺ - بدليل قوله - ﷺ - لكل من المختلفين بعد أن سمع قراءته (هكذا أنزلت) وقول المخالف لصاحبه (أقرأنيها رسول الله - ﷺ -)، ولو صح لأحد أن يغير ما شاء من القرآن بمرادفه أو غير مرادفه لبطلت قرآنية القرآن وأنه كلام الله ولذهب الإعجاز، ولما تحقق قوله سبحانه وتعالى ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ [الحجر ٩]. وقوله سبحانه: ﴿ وقال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاىء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ﴾ [ يونس ١٥- ١٦] فلا يجوز لأحد مهما كان أمره أن يبدل في القرآن ويغير بمرادف أو غير مرادف ما لم يكن نازلاً على النبي - ﷺ -. ولو سلمنا بالآثار الواردة باستبدال كلمة بمرادفها فذلك محمول على الإذن في أول الأمر، ولكنه لم يستمر، حيث كان الأمر الصريح بقول النبي - ﷺ -: (اقرؤوا كما علمتم).
أن الأمة مخيرة في القراءة بأي حرف من هذه الأحرف من غير إلزام بواحد منها، ومن قرأ بحرف منها فقد أصاب، وليس لأحد أن ينكر عليه، بدليل قوله - ﷺ - (فاقرؤوا ما تيسر منه) وقول جبريل: (فأيما حرف قرؤوا به فقد أصابوا).