يقول الإمام المهدوي فيما نقله عنه الإمام ابن الجزري في منجد المقرئين: (الحروف السبعة التي أخبر النبي - ﷺ - أن القرآن نزل عليها تجري على ضربين:
أحدهما: زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى وتقدم كلمة على أخرى وذلك نحو ما روي عن بعضهم (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج) وروي عن بعضهم (حم سق) و (إذا جاء فتح الله والنصر) فهذا الضرب وأشباهه متروك لا تجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب والضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد.
فإن قرأ وجادل عليه، ودعا الناس إليه وجب عليه القتل(١) لقول النبي - ﷺ - "المراء في القرآن كفر" ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم.
والضرب الثاني: ما اختلف القراء فيه من إظهار وإدغام وروم وإشمام وقصر ومدة تخفيف وشد وإبدال حركة بأخرى وياء بتاء وواوٍ بفاء وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع في حروف يسيرة
فثبت بهذا أن القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن)(٢).
أما معنى حديث الأحرف السبعة:
فقد تعددت أقول العلماء في تفسير هذا الحديث، حتى بلغت أربعين قولاً، ومن أشهر هذه الأقوال:
القول الأول: أن الحديث مشكل، لأن لفظ الحرف مشترك لفظي لا يدرى أي معانيه هو المراد.
وهذا القول مردود لوجود قرائن تدل على تعيين المراد من الأحرف في الأحاديث، وهو الوجه. ويشهد لهذا الاستعمال قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف ﴾ أي على ضعف في العبادة أو على وجه واحد، وهو أن يعبده في السراء دون الضراء.

(١) وذلك لأنه يعتبر مرتداً.
(٢) منجد المقرئين ١٨٢-١٨٣.


الصفحة التالية
Icon