وذهب الإمام ابن جرير الطبري: إلى أن ما عليه الناس من القراءات مما يوافق خط المصحف هو حرف واحد من الأحرف السبعة، فتكون القراءات العشر على قوله بعض حرف
ومما استدل به لهذا القول أن عثمان عندما أمر الكتاب بنسخ المصاحف أمرهم أن يكتبوه بلسان قريش.
وقد فهم البعض هذا الأمر بأن اقتصار على حرف واحد هوإلغاء للحروف الأخرى
والجواب: كما ذكر ابن الجزري: أن المصحف كتب على حرف واحد، لكن: لكونه جرد عن النقط والشكل احتمل أكثر من حرف، إذ لم يترك الصحابة إدغاما ولا إمالة ولا تسهيلاً ولا نقلاً ولا نحو ذلك مما هو باقي الأحرف الستة وإنما تركوا ما كان قبل ذلك من زيادة كلمات ونقص أخرى، ونحو ذلك مما كان مباحاً لهم القراءة به) (١).
فوائد اختلاف القراءات(٢)
١- جمع الأمة الإسلامية الجديدة على لسان واحد يوحد بينها وهو لسان قريش الذي نزل به القرآن الكريم والذي انتظم كثيرا من مختارات ألسنة القبائل العربية التي كانت تختلف إلى مكة في موسم الحج وأسواق العرب المشهورة فكان القرشيون يستملحون ما شاؤوا ويصطفون ما راق لهم من ألفاظ الوفود العربية القادمة إليهم من كل صوب وحدب ثم يصقلونه ويهذبونه ويدخلونه في دائرة لغتهم المرنة التي أذعن جميع العرب لها بالزعامة وعقدوا لها راية الإمامة وعلى هذه السياسة الرشيدة نزل القرآن على سبعة أحرف يصطفي ما شاء من لغات القبائل العربية على نمط سياسة القرشيين بل أوفق ومن هنا صح أن يقال إنه نزل بلغة قريش لأن لغات العرب جمعاء تمثلت في لسان القرشيين بهذا المعنى وكانت هذه حكمة إلهية سامية فإن وحدة اللسان العام من أهم العوامل في وحدة الأمة خصوصا أول عهد بالتوثب والنهوض.
(٢) ينظر: الزرقاني، مناهل العرفان ١/١٤٨-١٥١