أ- قال بعضهم: إن متعلق الهم من جهة امرأة العزيز يختلف عن متعلقه من جهة يوسف عليه السلام، فامرأة العزيز همت بيوسف طلباً للفاحشة، ويوسف عليه السلام هم بها دفعاً وضرباً(١) وإنما عبر عن الدفع بالهم على سبيل المشاكلة اللفظية كما فى قوله تعالى: ((إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم))(٢) وقد اعترض على هذا الوجه بما يلى:
١- أن العطف بين فعلى الهم ( همت به وهم بها ) يفيد اتحادها فيما يتعلقان به، ولا توجد أية قرينة تصرف عن هذا الاتحاد، إذ لا وجه للتفرقة بين متساويين لفظاً ومعنى، لأن مطلق اللسان يدل على أحدية المعنى.
٢- إن إسناد الهم إليها بقصد المخالطة والفاحشة يتعارض مع سياق الآيات القرآنية فى هذه القصة والتى حكت المراودة أولاً وأعنى قوله تعالى: ((وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه ……. ))(٣) ثم جاءت بالهم فى قوله سبحانه ( ولقد همت به وهم بها …… ) استئنافاً لمقصود آخر غير المراودة.
فتعلق الهم بالفاحشة منها قد سبق كل ما اتخذته من إجراءات لتدبير الخلوة المطلوبة، ولا يعقل أن يكون الهم قد جاء بعد كل هذه الإجراءات التى اتخذتها لتنفيذ غرضها.(٤)
٢- وقيل: إن المراد بالهم من جهتها طلب الفاحشة ومن جهته عليه السلام حديث النفس أو الخطرة التى تمر بالقلب ثم تمضى. وقد يعترض عليه بأنه لا دليل على صرف فعلى الهم على معنى يغاير الآخر فى كل واحد منهما.
(٢) سورة البقرة: ١٤، ١٥.
(٣) سورة يوسف : ٢٣.
(٤) يوسف عليه السلام للأستاذ أحمد عز الدين - ص١٣٨.