الرد على هؤلاء النحاة وتوجيه القراءة:
والرد على هؤلاء النحاة ومن وافقهم من المفسرين هو من خلال الآتى:
١- القرآن الكريم هو الكتاب الخالد الذى أنزله الله - عز وجل - لهداية البشرية، وهو بجانب ذلك كتاب معجز فى فصاحته وبلاغته، حيث نزل فأعيا الله به الفصحاء، وألجم به البلغاء، فشهد الأعداء ببلاغته وأقر الحاقدون ببراعته، واعترف الجميع بسيادته.
والمعروف أن للقراءة المقبولة ضوابط ذكرها السيوطى فى الإتقان(١) نقلاً عن ابن الجرزى وقد سبق ذكرها. وأذكر بأنها صحة السند، وموافقة اللغة العربية ولو بوجه، وموافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وهذه القراءة التى معنا هى قراءة حمزة أحد القراء السبعة، والمقرر لدى العلماء أن القراءات السبع متواترة لاستيفائها شروط التواتر، ومن هنا تلقتها الأمة بالقبول.
وبذلك يكون شرط صحة السند قد تحقق ما هو أعلى منه، وهو التواتر، الذى يكفى وحده فى القطع بقرآنيتها.
يقول القرطبى فى معرض رده على من ردوا قراءة حمزة:
مثل هذا الكلام محذور عند أئمة الدين ؛ لأن القراءات التى قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبى -صلى الله عليه وسلم - تواتراً يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شئ عن النبى - ﷺ - فمن رد ذلك، فقد رد على النبى -صلى الله عليه وسلم -، واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور لا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو، فإن العربية تتلقى من النبى -صلى الله عليه وسلم، ولا يشك أحد فى فصاحته. ا. هـ(٢)
وأما بالنسبة لشرط موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً فهو متوفر أيضاً لأن رسم القراءة بحركة الإعراب نصباً أو خفضاً لم يغير من رسمها ولا من هيئتها شيئاً مع التذكير بأن المصاحف العثمانية كانت خالية من النقط والشكل.

(١) الإتقان - ١/٧٧.
(٢) تفسير القرطبى - ص١٥٧٤.


الصفحة التالية
Icon