وقد عارض بعض النحاة هذه القراءة بحجة أنه قد فصل فيها بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف فى غير الشعر، فإن ذلك وإن كان سمجا فى الشعر أيضا إلا أنه يتسامح فيه للضرورة الشعرية.
ومن المفسرين الذين ردوا هذه القراءة الزمخشرى حيث قال فى الكشاف - متابعاً النحاة_:
وأما قراءة ابن عامر ((قتلُ أولادهم شركائهم )) برفع القتل ونصب الأولاد وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء، والفصل بينهما بغير الظرف، فشئ لو كان فى الضرورات وهو الشعر، لكان سمجاً مردوداً، فكيف به فى الكلام المنثور؟ فكيف به فى القرآن الكريم المعجز بحسن نظمه وجزالته والذى حمله – أى ابن عامر – على ذلك أن رأى فى بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء، ولو قرئ بجر الأولاد والشركاء، لكان الأولاد شركاءهم فى أموالهم ولوجد فى ذلك مندوحة عن هذا الانكباب.(١)
وعجبت لمفسر جليل له فى قلبى مكان لبراعته فى النقد والتمحيص هو الفخر الرازى(٢)، كيف يتعرض لهذه القراءة ولموقف الزمخشرى منها ثم يمضى دون أن ينقده ويرد عليه ولست أدرى هل ارتضى ذلك من الزمخشرى، أم أنه رأى أن تهافت رأيه من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تنبيه.
وأيّاً ما كان السبب، فالحق أحب إلينا من كل حبيب، فقراءة ابن عامر قراءة متواترة، وكان الأولى بالزمخشرى ومن لف لفه فى رد هذه القراءة، أن يصححوا القاعدة النحوية لتمضى مع القراءة، لا أن يردوا قرآناً متواتراً لمخالفته لقاعدة نحوية.
وكلام الزمخشرى فى رده قراءة ابن عامر يشير إلى معتقده فى القراءات وأنها اجتهادية وليست منقولة عن النبى - ﷺ - هذا ما ينبئ عنه قوله: ولو قرئ بجر الأولاد والشركاء لكان الأولاد شركاءهم فى أموالهم ……….
(٢) تفسير الفخر الرازى - ٦/٥٩٤