ب- وأما بالنسبة للأثرين الآخرين فقد قال السيوطى: هى مشكلة جداً. ثم أضاف : كيف يظن بالصحابة أولاً أنهم يلحنون فى الكلام فضلاً عن القرآن وهم الفصحاء اللُّد؟ ثم كيف يظن بهم ثانياً فى القرآن الذى تلقوه من النبى -صلى الله عليه وسلم - كما أنزل وحفظوه وضبطوه وأتقنوه ؟
ثم كيف يظن بهم ثالثاً اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته ؟
ثم كيف يظن بهم رابعاً عدم تنبههم ورجوعهم عنه ؟
ثم كيف يظن بعثمان - رضى الله عنه - أنه ينهى عن تغييره ؟
ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ، وهو مروى بالتواتر خلفاً عن سلف؟
هذا ما يستحيل عقلاً وشرعاً وعادةً.
ثم علق - أى السيوطى - على الرواية المنقولة عن عثمان -رضى الله عنه - بقوله: إن ذلك لا يصح عن عثمان، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع، ولأن عثمان جعل - المصحف الذى جمعه - إماماً للناس يقتدون به، فكيف يرى فيه لحناً ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها؟
فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم؟ ثم إن عثمان لم يكتب مصحفاً واحداً، ولكن كتب عدة مصاحف، فإن قيل: إن اللحن وقع فيها جميعاً فبعيد اتفاقها على ذلك، أو فى بعضها، فهو اعتراف بصحة البعض. ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان فى مصحف دون مصحف، ولم تأت المصاحف مختلفة قط إلا فيما هو من وجوه القراءة وليس ذلك بلحن.(١)