وأما قوله: (وورث سليمان داود ) فإنه أراد وراثة الملك والنبوة والعلم وكلاهما كان نبياً ملكاً، ولو كان أراد وراثة ماله، ما كان فى الخبر فائدة ؛ لأن الناس يعلمون أن الأبناء يرثون الآباء فى أموالهم، ولا يعلمون أن كل ابن يقوم مقام أبيه من العلم والملك والنبوة.(١)
٢- وأوردوا من ذلك أيضاً أن الله تعالى قال لنبيه - ﷺ :((والله يعصمك من الناس))(٢)
حتى روى أن رسول الله - ﷺ - قد روى عنه أنه بعد نزول هذه الآية نظر إلى حراسه وأمرهم بالانصراف يقيناً بحماية الله له، كيف ذلك والذى يقرأ سيرة رسول الله - ﷺ - يرى ما يفيد خلاف ذلك حيث فيها أنه شج يوم أحد.
فهذا تناقض بين القرآن وما جاءت به سيرة رسول الله - ﷺ -فكيف الجواب؟
أجيب عن هذا الإشكال بوجهين:
أحدهما: أن هذا كان قبل نزول آية المائدة ؛ لأن غزوة أحد كانت سنة ثلاث من الهجرة، وسورة المائدة من أواخر ما نزل بالمدينة.
والثانى : بتقدير تسليم أن الآية قد نزلت قبل واقعة الشج، فالمراد العصمة من القتل، وفيه تنبيه على أنه يجب عليه - ﷺ - أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع البلاء.(٣)
وللتوسع فى ذلك يراجع كتاب إزالة الإلباس(٤)
لكنى أعود فأنبه إلى أن الذود عن حياض القرآن والسنة قد قام به علماء الأمة خير قيام، وهو ضرورة حتمية يجب أن تتواصل كلما دعا إلى ذلك داع.
وفيما يتعلق بمبحثنا هذا عن اختلاف المفسرين حول بعض القراءات القرآنية ودعوى التعارض بينها وبين ما جاء فى السنة النبوية الشريفة من تقرير لبعض الأحكام التى تتعلق بالعقيدة أو الشريعة.

(١) تأويل مختلف الحديث - ص٣٠٣.
(٢) سورة المائدة: ٦٧
(٣) أنظر: البرهان للزركشى - ٢/٦٦
(٤) إزالة الإلباس - ص ٣١ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon