أقول: فيما يتعلق بذلك أورد مثالاً لما ذهبوا إليه وهو قوله تعالى: ((واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام))(١)
حيث قرأ الجمهور بنصب " الأرحام " وقرأ حمزة بخفضها، والاعتراض هنا على قراءة حمزة اعترض عليها من جهتين:
إحداهما: من جهة العربية أو النحو حيث قال البصريون ومن وافقهم إنها تخالف قواعد العربية التى قضت بعدم جواز عطف الظاهر على الضمير المجرور بدون إعادة حرف الجر، وقد ناقشت ذلك فيما مضى فى المبحث السابق، بما يغنى عن إعادة الكلام فيه.
والثانية: من جهة الدين
وذلك أنهم قالوا إن هذه القراءة تفيد جواز الحلف بغير الله لأن المعنى عليها:
اتقوا الله الذى يسأل بعضكم بعضاً به - على سبيل الحلف أو القسم - وبالأرحام كذلك. وهذا المعنى يصادم ما قررته السنة النبوية المطهرة من عدم جواز الحلف بغير الله تعالى فى غير ما حديث ومنه:
أ- قوله - ﷺ :"لا تحلفوا بآبائكم"(٢)
ب- قوله - ﷺ - "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"(٣)
الرد على هذا الزعم
القرآن والسنة كلاهما نبعا من منبع واحد، فكلاهما وحى من الله، وقد حدد الله عز وجل مهمة السنة وموقفها من القرآن بقوله تعالى: ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون))(٤)
وبمقتضى مهمة البيان هذه كان النبى - ﷺ - يوضح للصحابة ما يشكل عليهم فهمه من القرآن، والأخبار فى ذلك كثيرة جداً.

(١) سورة النساء: ١
(٢) أبو داود - كتاب الإيمان والنذور - باب فى كراهية الحلف بالآباء - ٣/٥٦٩.
(٣) البخارى - كتاب الإيمان والنذور - باب لا تحلفوا بآبائكم.
(٤) سورة النحل : ٤٤


الصفحة التالية
Icon