وكان يطبق تطبيقاً عملياً الأوامر المجملة التى جاء بها القرآن وتحمل فى ثناياها تكاليف شرعية، كالأمر بالصلاة، والزكاة والصيام والحج، دون أن يفصل القرآن ما يحتاج الناس إلى معرفته كى يقوموا بما أمرهم الله به كما ينبغى، فكانت السنة هى الوسيلة التى قامت بهذه المهمة، وبمجمل ما جاء فى القرآن والسنة من ذلك، كانت النظرية والتطبيق. ويلحق بمهمة البيان كذلك تخصيص العام، وتقييد المطلق ……وهلم جرا.
أعود فأقول: إذا كانت هذه نسبة السنة إلى القرآن - وهى نسبة الفرع من الأصل والبيان من المبين- فلا يمكن بحال من الأحوال أن يقع تعارض بينهما أبداً.
وقد يقال: إننا لم ندع أن السنة خالفت القرآن ولكن خالفت ما قرأ به حمزة.
فنجيب بأن ما قرأ به حمزة قرآن ثابت عن رسول الله - ﷺ - فحمزة لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، ولم ينشئها إنشاءً باجتهاده الخاص، بل إنه لا يمثل إلا حلقة فى سلسلة امتدت إلى رسول الله - ﷺ - لتنقل هذه القراءة نقلاً متواتراً طبقة عن طبقة وجمعاً عن جمع تمنع العادة أن يتواطأوا على الكذب. فكيف بعد ذلك تصل الجرأة بهؤلاء إلى رد ما تواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟!!
وهل لدعواهم التى أثاروها مجال فى الواقع؟ أو بتعبير آخر: هل بالفعل قراءة حمزة هذه تعارض الأحاديث النبوية المذكورة وما فى معناها مما لم نذكره؟
أقول: لو أن المعترضين تطوعوا بجهدهم وسخروه فى خدمة التوفيق بين القراءة المتواترة والأحاديث النبوية، لكن أجدى لهم ولنا وأنفع، وهو سهل ميسور لا يكلف كثير عناء، ولا يحمل كبير مشقة، كما سوف ترى الآن.
التوفيق بين القراءة والأحاديث النبوية
بالنظر إلى كل من قراءة حمزة "الأرحامِ" والأحاديث النبوية الواردة فى مقام النهى عن الحلف بغير الله يتبين لنا أنه لا تعارض مطلقاً بينهما يبرر رد القراءة وفيما يأتى أذكر بعض وجوه هذا التوفيق: