وأما السبب الثانى: وهو اختلاف أوجه الإعراب وإن اتفقت القراءات، فمثاله اختلافهم حول الضمير "هم" فى قوله سبحانه:(( وإذا كالوهم أو وزنوهم )) (١)
اختلفوا فى الضمير "هم" فى الموضعين على وجهين:
أ- قيل: هو ضمير نصب فيكون مفعولاً به ويعود على الناس أى: وإذا كالوا الناس أو وزنوا الناس ….
ب- وقيل: هو ضمير رفع مؤكد للواو والضمير عائد على المطففين (٢)
هذا خلاف حول الإعراب مع اتحاد القراءة.
ومنه أيضاً اختلافهم حول "لا" من قوله تعالى :((سنقرئك فلا تنسى)) (٣)
فقيل: "لا " نافية، والآية إخبار من الله تعالى بأن نبيه - ﷺ - لا ينسى.
وقيل: هى ناهية، أى: لا تنس يا رسول الله ما نقرئك إياه من القرآن، يعنى لا تتعاط أسباب النسيان.
وقد أجاب هؤلاء عن الألف اللازمة فى قوله "تنسى" مع تقدم "لا" الناهية عليها - أى الكلمة - ومن شأنها جزم المضارع بعدها، أجابوا عن ذلك بأن الألف هنا للإشباع(٤)، كما فى قوله تعالى: ((لا تخاف دركاً ولا تخشى)) (٥)، وقد لحظنا أن هذا الخلاف كائن مع كون القراءة واحدة.
وأما السبب الثالث: وهو اختلاف اللغويين فى معنى الكلمة، فمثاله، اختلافهم حول معنى لفظ "مخلدون" من قوله تعالى: ((يطوف عليهم ولدان مخلدون)) (٦)
فقيل: معناه لا يهرمون أبداً، ولا يتغيرون فهم فى سن واحد، وشكلهم شكل الولدان دائماً، والعرب تقول لمن كبر ولم يشب: إنه لمخلد. وقيل معناه مقرطون من قولهم: خلد جاريته إذا حلااها بالخلدة وهى القرطة.
وقيل: مخلدون منعمون ومنه قول امرئ القيس:
وهل ينعمن إلا سعيد مخلد | قليل الهموم ما يبيت بأوجال |
(٢) أنظر: الدر المصون- ٦/٤٩٠، فتح القدير - ٥/٥٠٠.
(٣) سورة الأعلى : ٦.
(٤) أنظر: الدر المصون - ٦/٥١٠.
(٥) سورة طه : ٧٧.
(٦) سورة الواقعة : ١٧.