ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أقاوز الكثبان (١)
وقيل غير ذلك. وهذه الأقوال كلها تدور على معانى لفظ مخلدون فى اللغة، وهى كما نعلم ثرية جداً بألفاظها، غنية بمعانيها وأسرارها، ومن ثم كان شرطاً رئيساً فيمن يتصدى لتفسير كتاب الله أن يكون على معرفة واسعة بلغة العرب شعراً ونثراً، ولذلك قال مالك - رحمه الله - لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً.
وأما السبب الرابع:
وهو اشترك اللفظ بين معنيين فأكثر ؛ فمثاله: اختلافهم حول لفظ الصريم فى قوله تعالى: ((فأصبحت كالصريم)) (٢)، فهو مشترك لفظى بين سواد الليل وبياض النهار.
ومنه أيضاً اختلافهم حول معنى "القرء " فى قوله تعالى: (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)) (٣) هل المراد به الحيض أو الطهر، إذ هو مشترك لفظى بينهما.
وهذان المثالان سوف يأتيان معنا فيما هو آت فى هذا البحث إن شاء الله.
وأما السبب الخامس:
وهو احتمال العموم الخصوص، فمثاله: اختلافهم حول المراد بالناس فى قوله تعالى: ((أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)) (٤) فقيل المراد بالناس هنا محمد - ﷺ - فقد حسدوه - أى اليهود - لأن الله تعالى أعطاه النبوة. وعليه فاللفظ هنا خاص.
وقيل المراد بالناس هنا العرب وقد حسدهم اليهود لأن الرسول - ﷺ - هو النبى الخاتم كان منهم، وعلى ذلك فاللفظ عام.
وأما السبب السادس:
وهو احتمال الإطلاق والتقييد فمثاله: قوله تعالى فى كفارة الظهار: ((فتحرير رقبة)) (٥)، وفى كفارة اليمين: ((أو تحرير رقبة)) (٦) حيث أطلق الرقبة فى الموضعين ولم يقيدهما بوصف.
(١) أنظر: فتح القدير - ٥/١٨٦، والكثبان جمع كثبة وهى: كل مجتمع من طعام أو غيره بعد أن يكون قليلاً.
(٢) سورة القلم: ٢٠.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٤) سورة النساء: ٥٤.
(٥) سورة المجادلة : ٣١
(٦) سورة المائدة : ٨٩.


الصفحة التالية
Icon