وفى كفارة القتل الخطأ قيدت الرقبة بوصف الإيمان هكذا: ((فتحرير رقبة مؤمنة)) (١)
فقيل: يحمل المطلق على المقيد فيتحصل لزوم أن تكون الرقبة مؤمنة فى الجميع وهو رأى الجمهور.
وقيل: لا يلزم ذلك فيما أطلق.
ومنه أيضاً قوله تعالى: ((فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام)) (٢)، فهذه الآية أطلقت صيام الأيام الثلاثة ولم تقيدهن بتتابع ولا تفريق.
وجاءت قراءة شاذة لابن مسعود مقيدة بالتتابع هكذا: ((فصيام ثلاثة أيام متتابعات))
فاختلفوا: هل تصلح هذه القراءة للتقييد أم لا؟ فذهب أبو حنيفة والثورى إلى الأول، وذهب الشافعى إلى الثانى، وسيأتى الكلام عن ذلك فى محله إن شاء الله تعالى.
وأما السبب السابع:
وهو احتمال الحقيقة أو المجاز، فمثاله: اختلافهم حول المراد بالتنور فى قوله تعالى: ((حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور)) (٣)
فقيل : المارد به التنور الحقيقى الذى يختبز فيه، وقد كان بدار نوح عليه السلام، وقد جعل الله تعالى فوران الماء منه علامة على الطوفان الذى أغرق قومه.
وقيل: بل معنى قوله: ((وفار التنور)) أى برز نور الصبح.
وقيل : بل معناه اشتد غضب الله. (٤)
فعلى الأول فالتعبير حقيقى وهو الراجح (٥) وعلى الثانى والثالث فالتعبير مجازى.
ومنه كذلك اختلافهم حول المراد بالضحك والبكاء فى قوله تعالى: ((وأنه هو أضحك وأبكى)) (٦)
فقيل: معناه أنه خلق الضحك المعروف والبكاء المعروف فى ابن آدم. فالتعبير على ذلك حقيقى وهو الراجح.
وقيل: بل المعنى: أضحك الأرض بالنبات، وابكى السماء بالمطر وعليه فالتعبير مجازى.
وأما السبب الثانى:

(١) سورة النساء: ٩٢.
(٢) سورة المائدة: ٨٩.
(٣) سورة هود: ٤٠.
(٤) أنظر: تفسير الطبرى - ١٢/٢٥.
(٥) أنظر: إزالة الإلباس -ص ١٠٠، فقد ذكرت هناك وجوهاً أربعة لترجيحه.
(٦) سورة النجم: ٤٣.


الصفحة التالية
Icon