وهو احتمال الإضمار أو الاستقلال، فمثاله: قوله تعالى: ((يخادعون الله والذين آمنوا)) (١) فقوله "يخادعون" من الخدع وهو الإخفاء والإبهام، وهو أن يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه، والمخادعة تقتضى المشاركة من الجانبين، والله سبحانه منزه عن ذلك ؛ لأنه لا يخدع. وأجيب عن ذلك بأنه من باب الإضمار أى: يخادعون رسول الله.
وقيل: هو من الاستقلال وليس الإضمار، والمعنى: إن صورة صنيعهم - يعنى المنافقين - مع الله تعالى حيث يتظاهرون بالإيمان وهم كافرون، وصورة صنيع الله معهم، حيث أمر بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم فى الدرك الأسفل من النار، وصورة صنيع المؤمنين معهم حيث امتثلوا أمر الله تعالى فيهم، فأجروا ذلك عليهم، تشبه صورة المخادعة.
ففى الكلام إما استعارة تبعية أو تمثيلية فى الجملة، أو بأن المفاعلة ليست على بابها، فإن فاعل قد يأتى بمعنى فعل مثل: عافانى الله، وقتلهم الله. (٢)
وأما السبب التاسع:
وهو احتمال الكلمة زائدة، فمثاله: اختلافهم حول كلمة "من" فى قوله تعالى: ((إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ٠٠٠٠)) (٣)
فقيل : هى زائدة فكان يكفى فى التعبير أن يذكر ((وراء الحجرات)) فقط ليؤدى لنفس المعنى الذى أداه بدخول "من" على "وراء"
وقيل: بل إن الحرف " من " هنا قد أدى فائدة جليلة ما كانت توجد لولاها. وذلك أن لفظ "وراء" مشترك لفظى بين الأمام والخلف، فلما دخلت "من" على "وراء" جعلته أكثر شمولاً واتساعاً فغطى الجهات الأربع الأمام والخلف واليمين والشمال. إذ ليس الحكم الوارد فى الآية المذكورة مفيداً بالنداء خلف الحجرات أو أمامها، بل من أى جهة من الجهات المحيطة بالحجرات.
(٢) أنظر: أصول التفسير لخالد العك - ص٦٤.
(٣) سورة الحجرات: ٤.