وقيل : ليس المراد بالتوفى هنا قبض الروح وانتهاء الأجل، بل هو استيفاء الحق أى موفيك حقك ورافعك.
وقيل: إن التوفى هنا هو النوم، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذه التسمية، قال تعالى: ((الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها)) (١)
فعلى الرأى الأول يكون فى الكلام تقديم وتأخير، وعلى الرأيين الآخرين فالكلام على ترتبيه.
وأما السبب الحادى العشر:
وهو احتمال أن يكون الحكم منسوخاً أو محكماً، فمثاله: اختلافهم حول قوله تعالى: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) (٢)
قال ابن الجوزى: اختلف المفسرون فى معنى الآية على قولين:
الأول: أنه يقتضى التخيير بين الصوم والإفطار مع الإطعام ؛ لأن معنى الكلام وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية. فعلى هذا يكون الكلام منسوخاً بقوله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))(٣) وهو منقول عن كثير من السلف.
الثانى: أنه محكم وغير منسوخ وأن فيه إضماراً تقديره: وعلى الذين كانوا يطيقونه أو لايطيقونه - هذا تقدير آخر - فدية. واشير بذلك إلى الشيخ الفانى الذى يعجز عن الصوم والحامل التى تتأذى بالصوم والمرضع. وهو رأى منسوب إلى بعض السلف.(٤)
وهذا المثال كما صلح لصورة السبب الذى معنا الآن فإنه يصلح كذلك لصورة السبب الثامن وهو احتمال الإضمار أو الاستقلال.
ومنه أيضاً خلافهم حول قوله تعالى :((وجاهدوا فى الله حق جهاده)) (٥) على قولين:
الأول: هى منسوخة لأن فعل ما فيه وفاء لحق الله لا يتصور من أحد إذ لا قدرة لأحد على أداء حق الله كما ينبغى، والناسخ هو قوله تعالى: ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) (٦) أو قوله تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) (٧)
(٢) سورة البقرة: ١٨٤.
(٣) سورة البقرة: ١٨٥.
(٤) نواسخ القرآن لابن الجوزى - ص٦٥: ٦٩ بتصرف.
(٥) سورة الحج: ٧٨.
(٦) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٧) سورة التغابن: ١٦