ولذلك قال ابن عطية : وقيل "المن" مصدر يعنى به جميع ما منّ الله به مجملاً (١).
فكل قول من هذه الأقوال هو عبارة عن نوع داخل تحت الإطار العام للفظ وقد ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره، حيث إن التعريف بالمثال يقد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق، والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له : هذا هو الخبز، هكذا قال ابن تيمية ثم أدخل فى ذلك أيضاً قول المفسرين : هذه الآية نزلت فى كذا- كما يعبر أحياناً فى أسباب النزول وهى عبارة ليست نصاً فى السببية - أو سبب نزول هذه الآية كذا أو نزلت فى فلان يقول ابن تيمية الذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق. (٢)
وهذا الذى قاله ابن تيمية من كون سبب النزول لا يخصص حكم الآية بمن نزلت فيه هو الذى درج عليه جمهور العلماء حيث قرروا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
والحاصل أن قول المفسرين أو أصحاب كتب أسباب النزول:
هذه الآية نزلت فى فلان أو فى قصة كذا، فهذا الذى نزلت فيه هذه الآية ما هو إلا فرد من عموم أفراد وقعت منهم نفس الواقعة التى نزلت بسببها الآية أو الآيات، والحكم يعم الجميع، ولا يعد من الخلاف كذلك تعدد أسباب النزول ما دام لفظ الآية يحتمل الجميع، فإن كانت الآية أو الآيات قد نزلت عقب هذه الأسباب المتعددة، حكم بأن ذلك من باب تعدد الأسباب والمنزل واحد، بمعنى أن تكون الآية أو الآيات قد نزلت بسبب هذه الوقائع جميعها.
(٢) مقدمة فى أصول التفسيرصـ٥٩