ب- ثبت عنه كذلك أنه كان يقول بحل نكاح المتعة، ويفسر قوله تعالى فى سورة النساء: ((فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن)) (١) يفسرها بأنها فى نكاح المتعة وأنه حلال معتمداً فى ذلك على قراءة للآية زائدة على تلك المذكورة حيث فيها :((وما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى))(٢)
ولست هنا فى مقام مناقشة مسألة المتعة ولا مناقشة القراءة المذكورة على أنها حجة من يبيحونها، فقط يكفيك هنا أن تعلم أنها قراءة ليست موجودة فى القراءات العشر بل غير موجودة فى الأربع التى وراء العشر. لكن ما يعنينا هنا فى هذا المقام أن تعلم أن ابن عباس قد رجع عن ذلك. (٣)
فقد روى عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس لقد كثر القول فى المتعة حتى قال فيها الشاعر:
أقول وقد طال الثواء بنا معاً

هل لك فى رخصة الأطراف أنسة يا صاح هل لك فى فتيا ابن عباس
تكون مثواك حى مصدر الناس
فقام ابن عباس من مجلسه وجمع الناس وخطب فيهم: " إن المتعة كالميتة والدم ولحم الخنزير، فإما إذن رسول الله - ﷺ - فيها فقد ثبت نسخه" (٤)
الصورة الخامسة:
اختلاف القراء فيما ينقلون من روايات لا يعد اختلافاً لأنه لا عمل لهم ولا اجتهاد فى ذلك، فهم مجرد حلقة فى سلسلة من مجموعة سلاسل عملت على نقل القراءات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وإذا كان اختلاف القراءات غير معتبر لأن كل واحد من القراء لم يقرأ بما قرأ به وهو ينكر غير قراءته، بل يقر بإجازته وصحته، ولم يقع الخلاف بين القراء إلا فى الاختيار فقط مع اتفاقهم على مبدأ قبول الكل لكونه منقولاً ما دام مستوفياً شروط القبول.
(١) سورة النساء : ٢٤.
(٢) أنظر: الدر المنثور -٢/٢٥٠: ٢٥٣.
(٣) أنظر: الموافقات - ٤/١٢٢، أضواء البيان - ١/٢٥٣.
(٤) أنظر: المغنى - ٦/٦٤٤.


الصفحة التالية
Icon