وعلى كل فالدلالة هنا حقيقية وليست مجازية، مع اتفاق الرأيين على أصل المعنى وهو قدرة الله عز وجل على إخراج الحى من الميت والميت من الحى. أو أن يكون اللفظ مشتركاً لفظياً فيحمله كل منهم على أحد معنييه، مع اتفاقهم على ما يدل عليه ويهدف إليه كاختلافهم حول تفسير قوله سبحانه: ((فأصبحت كالصريم)) (١)
إذ إن لفظ "الصريم" مشترك بين سواد الليل وبياض النهار، ولذلك قيل: المعنى أنها - أى الجنة الواردة فى السورة - أصبحت سوداء كالليل لا شئ فيها، وقيل: بل أصبحت كالنهار بيضاء ولا شئ فيها. فالمقصود هنا شئ واحد وإن شبه بالمتضادين اللذين لا يلتقيان. (٢) وذلك لا يعد خلافاً يعتد به لاتفاقهم على المقصود.
الصورة الثامنة:
أن يقع الخلاف فى التأويل وصرف الظاهر عن مقتضاه إلى ما دل عليه الدليل الخارجى، فإن مقصود كل متأول الصرف عن ظاهر اللفظ إلى وجه يتلاقى مع الدليل الموجب للتأويل وجميع التأويلات فى ذلك سواء فلا خلاف فى المعنى المراد. (٣)
ومثال ذلك آيات الصفات، فإن للعلماء حولها اتجاهين:
أولهما: اتجاه السلف وهو الإيمان بها وتفويض علم حقيقتها إلى الله مع التنزيه المطلق لله عن مشابهة الحوادث. وقد عبر عن هذا الاتجاه أيما تعبير الإمام مالك –رحمه الله- إذ سئل عن معنى قوله سبحانه: ((الرحمن على العرش استوى))(٤) فقال: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به من الإيمان، والجحود به كفر.
وثانيهما: وهو اتجاه الخلف وهو مذهب أهل التأويل.
(٢) أنظر: الموافقات - ٤/١٢٣، والمحرر الوجيز - ٥/٣٤٩.
(٣) الموافقات للشاطبى - ٤/١٢٣.
(٤) سورة طه: ٥