واختلف العلماء فى السعى بين الصفا والمروة، فمذهب مالك والشافعى أن ذلك فرض وركن من أركان الحج، لا يجزى تاركه أو ناسيه إلا العودة، ومذهب الثورى وأصحاب الرأى أن الدم يجزئ تاركه، وإن عاد، فحسن، فهو عندهم ندب …….. إلى أن قال : وقال عطاء: ليس على تاركه شئ لا دم ولا غيره، واحتج عطاء بما فى مصحف ابن مسعود "أن لا يطوف بهما" ا. هـ
إلى هنا انتهى تصوير الخلاف واحتجاج عطاء بالقراءة الشاذة على ما لا تفيده القراءة المتواترة.
ثم قال ابن عطية - معتمداً على القاعدة المذكورة:-
وهى قراءة خالفت مصاحف الإسلام، وقد أنكرتها عائشة -رضى الله عنها - فى قولها لعروة حين قال لها: أرأيت قول الله: ((فلا جناح عليه أن يطوف بهما)) ؟ فما نرى على أحد شيئاً ألا يطوف بهما. قالت: يا عروة كلا لو كان ذلك، لقال: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. (١)
ثم حاول ابن عطية أن يوجهها توجيهاً، يجعلها فيه موافقة للمتواترة، فتكون شاهدة لها، لا معارضة، فقال: وأيضاً فإن ما فى مصحف ابن مسعود يرجع إلى معنى أن يطوف، وتكون "لا" زائدة صلة فى الكلام كقوله تعالى: ((ما منعك ألا تسجد)) (٢)، وكقول الشاعر:
ما كان يرضى رسولُ الله فعلَهمُ | والطيبان أبو بكر ولا عمرُ(٣) |
أحدهما: أنا قد بينا فى مواضع أنه يبعد أن تكون "لا" زائدة.
ثانيهما: أنه لا لغوى ولا فقيه يعادل عائشة -رضى الله عنها -، وقد قررتها غير زائدة، وقد بينت معناها، فلا رأى للفراء ولا لغيره. (٤)
(٢) سورة الأعراف : ١٢.
(٣) المحرر الوجيز لابن عطية - ١/٢٣٠، و أنظر: المحتسب لابن جنى - ١/٢٥٣.
(٤) أحكام القرآن - ١/٧١.