ومراده تفسير عائشة -رضى الله عنها - للآية حين أشكل معناها على ابن أختها عروة بن الزبير، وقد تقدم عما قريب.
ومن العلماء الذين اعتمدوا على هذه القاعدة أيضاً فى الموازنة بين القراءات الواردة فى هذه الآية التى نحن بصددها الشيخ الأمين الشنقيطى فى كتابه "أضواء البيان" حيث قال:
فإن قيل: جاء فى بعض قراءات الصحابة ((فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما)) كما ذكر ذلك الطبرى وابن المنذر وغيرهما عن أبى بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس -رضى الله عنهم - فالجواب من وجهين:
الأول: أن هذه القراءة لم تثبت قرآناً، لإجماع الصحابة على عدم كتبها فى المصاحف العثمانية، وما ذكره الصحابى على أنه قرآن، ولم يثبت قرآناً، ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يستدل به على شئ، وهو مذهب مالك والشافعى، ووجه ذلك أن الصحابى لما ذكره على أنه قرآن، وقد ثبت بطلان ذلك، فإنه يترتب عليه ألا يحتج به على شئ.
وقال بعض أهل العلم: إذا بطل كونه قرآناً لم يمنع ذلك من الاحتجاج به كأخبار الآحاد، التى ليست بقرآن.
فعلى القول الأول: فلا إشكال، وعلى الثانى فيجاب بأن القراءة المذكورة تخالف القراءة المجمع عليها المتواترة، وما خالف المتواتر المجمع عليه إن لم يمكن الجمع بينهما، فهو باطل، والنفى والإثبات لا يمكن الجمع بينهما، لأنهما نقيضان.
الوجه الثانى: هو ما ذكره ابن حجر فى الفتح عن الطبرى والصحاوى من أن قراءة ألا يطوف بهما، محمولة على القراءة المشهورة ولا زائدة ا. هـ
قال الشنقيطى: ولا يخلو من تكلف كما ترى. (١)
المثال الثانى:
قال تعالى: ((ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومَنْ عِندَه عِلمُ الكتاب)) (٢)
قال الشوكانى:
(٢) سورة الرعد: ٤٣.