أى علم جنس الكتاب، كالتوراة والإنجيل، فإن أهلهما العالمين بهما، يعلمون صحة رسالة رسول الله - ﷺ - وقد أخبر بذلك من أسلم منهم كعبد الله بن سلام وغيره.
وقد كان المشركون من العرب يسألون أهل الكتاب ويرجعون إليهم فأرشدهم الله سبحانه فى هذه الآية إلى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك. وقيل: المراد بالكتاب القرآن، ومن عنده علم منه هم المسلمون وقيل: المراد من عنده علم اللوح المحفوظ، وهو الله سبحانه وتعالى ……. (١)
هذا التفسير مبنى على القراءة المتواترة المذكورة، لكن قرأ ابن السميقع - شاذاً - ((ومِنْ عِندِه عُلِم الكتابُ)) بجعل "من" حرف جر، وما بعدها مجروراً به، وجعل "علم" فعلاً مبنياً للمجهول و "الكتاب" نائب فاعل.
ولهذا قال ابن مجاهد فى تفسير الآية (٢) بناء على هذه القراءة قال: الهاء فى "عنده" تعود إلى الله، وقيل هى للنبى - ﷺ -، وقيل: هى لعبد الله بن سلام، وقال ابن خالويه: وقيل: -الهاء- لعلى - رضى الله عنه. (٣)
وقد ذكر الطبرى فى تفسيره هاتين القراءتين، وذكر التفسير المنبنى عليهما، ثم قال معقباً ومقرراً مضمون هذه القاعدة: فإذا كان قرأة الأمصار من أهل الحجاز والشام والعراق، على القراءة الأخرى، وهى ((ومَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب))، كان التأويل الذى على المعنى الذى عليه قرأة الأمصار، أولى بالصواب مما خالفه، إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحق بالصواب. (٤)
الصورة الثانية:
الخلاف بين قراءتين متواترتين
تصوير الخلاف بين أقوال المفسرين فى هذه الصورة :
(٢) يجوز إطلاق لفظ الآية على جزء من الآية.
(٣) مختصر فى شواذ القرآن - ص٦٧، و أنظر فى توجيهها المحتسب - ٢/٣١.
(٤) جامع البيان للطبرى- ١٦/٥٠٧، و أنظر: قواعد الترجيح عند المفسرين - ١/١٠٥.