قد ترد أحياناً كلمة فى آية بقراءتين مختلفتين، متساويتين فى التواتر، فيقف بعض المفسرين مع قراءة منهما، والبعض الآخر مع القراءة الأخرى، فيفسر كل منهما الآية بناءً على ما احتج به من قراءتيها، ويحدث أحياناً أن يحاول أحد المختلفين، أو كلاهما تضعيف القراءة التى احتج بها الآخر فيقع فى المحظور وهو إنكار قراءة متواترة مقطوع بقرآنيتها، أو على الأقل الغض من قدرها.
القاعدة الحاسمة للخلاف فى هذه الصورة:
نص القاعدة:
" القراءاتان المتواترتان بمنزلة آيتين، تكمل إحداهما الأخرى ولا تعارضهما، ويمتنع الترجيح بينهما، فإن أمكن الحمل عليهما لزم ذلك، وإلا فهما بمنزلة آيتين تحلان معنيين"
توضيح القاعدة:
مضى بنا القول بأن المتواتر، أعلى طرق الإثبات، إذ هو يفيد اليقين والقطع، وفيما يتعلق بالقراءات القرآنية من جهة التواتر، قال العلماء: إن القراءات السبع المتواترة، بل قالوا كذلك: إن التحقيق أن القراءات العشر متواترة. (١)
ومن ثم فإنه لا يجوز الترجيح بينها، لكون كل منها قرآناً مقطوعاً بقرآنيته، ومن يفعل ذلك، فإنه يكون قد أنكر قرآناً أو وهّن من قدره، وفى كلا الأمرين من الإثم ما لا يخفى. لذا يجب أن يكون المفسر، والحالة هذه، على حيطة وحذر، بل عليه أن يحاول أن يجمع بين القراءتين اللتين ظاهرهما التعارض فى معنى مؤلف منهما ؛ لأنه يستبعد أن تتعارض قراءتان متوترتان تعارضاً مطلقاً لا يمكن معه الالتقاء بينهما، فإن لم يمكن ذلك التوفيق، فالقراءتان حينئذٍ بمنزلة آيتين، لكل واحدة منها معنى مستقل.

(١) مناهل العرفان - ١/٤٤١.


الصفحة التالية
Icon