وقيل: إن الشافعى نص على أنها حجة فى بعض المواضع. (١) وممن قال بذلك أيضاً - أى بحجيتها - أبو حامد الغزالى والماوردى، والقاضى أبو الطيب، والقاضى الحسن، وغيرهم. (٢)
وهذا الخلاف ليس فى مجال التعبد بها فى الصلاة ونحوها، فهى من هذه الناحية ليست بجائزة ؛ لأنها لا تعد قرآناً، وإنما الكلام عن الاحتجاج بها فى الفروع لدى الفقهاء، علماً بأن النحاة يحتجون بها وهو صنيع ابن جنى فى المحتسب.
القاعدة الحاسمة للخروج من هذا الاختلاف
نص القاعدة:
" القراءة الشاذة - إذا صح سندها - يعمل بها تنزيلاً لها منزلة خبر الآحاد" (٣)
توضيح القاعدة:
عرفنا أن القراءة الشاذة هى التى اختل فيها ركن من أركان القراءة الصحيحة الثلاثة التى سبق ذكرها، غير أن القراءة التى تنزل منزلة الحديث، أو خبر الآحاد هى تلك التى تثبت صحة نقلها عن طريق الثقات، لكنها خالفت العربية من كل الوجوه، أو خالفت جميع المصاحف العثمانية ولو احتمالاً.
فصحة سندها ينزلها منزلة الحديث الصحيح الذى ينبغى العمل بمقتضاه. وهذا مذهب المحققين من العلماء وهو الأولى بالقبول من غيره، حيث نقلنا فى ذلك خلاف بين العلماء فيما سبق.
مثال تطبيقى
قال تعالى فى كفارة اليمين:-
((لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام)) (٤) هذه هى القراءة المتواترة.
وقرأ -بطريق صحيح (٥) - أبى بن كعب وابن مسعود: ((فصيام ثلاثة أيام متتابعات))

(١) القواعد والفوائد الأصولية - ص١٣١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) قواعد التفسير - ١/٩٢.
(٤) سورة المائدة - ٨٩.
(٥) تفسير آيات الأحكام للسايس - ٢/٢٠٧.


الصفحة التالية
Icon