وبناءً على هذه القاعدة لا تكون البسملة آية لا من الفاتحة ولا من بداية كل سورة بل هى جزء آية من سورة النمل (١) إذ لم يتواتر كونها آية فى كل سورة، وإن تواترت كتابتها فى بداية كل سورة، وكذلك قراءتها.
وفرق بين أن تتواتر كتابتها وقراءتها، وبين أن يتواتر كونها قرآناً. والله أعلم.
وفى هذا التوضيح يطيب لى أن أنقل كلام السيوطى فى الإتقان بتمامه فهو نفيس جداً ومقرر للقاعدة ثم أردفه بكلام طيب كذلك للإمام مكى بن أبى طالب.
قال السيوطى: لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواتراً فى أصله وأجزائه، وأما فى محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققى أهل السنة للقطع بأن العادة تقضى بالتواتر فى تفاصيل مثله ؛ لأن هذا المعجز العظيم الذى هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعى على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل آحاداً ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن قطعاً.
وذهب كثير من الأصوليين إلى أن التواتر شرط فى ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله وليس بشرط فى محله ووضعه وترتيبه، بل يكثر فيها نقل الآحاد.
قيل: وهو الذى يقتضيه صنع الشافعى فى إثبات البسملة من كل سورة.
وردّ هذا المذهب … بأنه لو لم يشترط - التواتر فى المحل والترتيب - لجاز سقوط كثير من القرآن المكرر - وثبوت كثير مما ليس بقرآن.
أما الأول: فلأنا لو لم نشترط التواتر فى المحل، لجاز أن لا يتواتر كثير من القرآن المكرر مثل قوله تعالى: ((فبأى آلاء ربكما تكذبان)) من سورة الرحمن.
ومثل قوله تعالى: ((ويل يومئذٍ للمكذبين)) من سورة المرسلات.
وأما الثانى: فلأنه إذا لم يتواتر بعض القرآن بحسب المحل، فجاز إثبات ذلك البعض فى الموضع بنقل الآحاد، وهذا مالا يجوز وقد رفضه أهل الحق. (٢)
(٢) الإتقان - ١/٧٩، ٨٠ بتصرف يسير.