وقال مكى: من قال: إن البسملة آية فى أول كل سورة فقد زاد فى القرآن، وهذا ما لم يقل به أحد من الصحابة ولا من التابعين، والإجماع قد وقع على ترك عدها آية من كل سورة، وما حدث بعد هذا الإجماع هو قول منفرد غير مقبول.
هذا الإجماع واقع على ما سوى سورة الفاتحة، وأما بالنسبة للبسملة فى الفاتحة فقد وقع الخلاف والمختار من قول الشافعى أنها أية منها، والاختلاف فى ذلك غير منكر، لكنا نقول: إن الزيادة فى القرآن لا تثبت بالاختلاف، وإنما تثبت بالإجماع ولا إجماع فى كون البسملة آية لا من الفاتحة ولا من غيرها. ولا تواتر كذلك (١) أى: لا تواتر فى عدها آية.
شبهة على القاعدة وردها:
أورد بعضهم على مضمون هذه القاعدة والرأى الآخر المعارض لها أوردوا شبهة قالوا فيها:
إن قرآنية البسملة أو عدمها شأنها أن توقع فريقاً من المسلمين فى الكفر، فعلى رأى من يقول بقرآنيتها يُحكم بكفر منكرها، وعلى رأى من يقول بعدم قرآنيتها يُحكم بكفر مثبتها ؛ لأن منكر الثابت من القرآن كافر، كما أن من ينسب إلى القرآن ما ليس منه فإنه يكفر أيضاً، فيترتب على ذلك أن يكفر بعض المسلمين بعضا.
والجواب عن هذه الشبهة:
نستهل هذا الجواب بحمد الله حيث لم يحدث أن طائفة من القراء أو العلماء أو المسلمين عامة كفرت طائفة أخرى بسبب رأى فى البسملة التى فى أوائل السور، وذلك لأن الأمر سهل هين ؛ لأن الخلاف حول ذلك هو خلاف فى إطار الاجتهاد ؛ لأن العلماء لم يختلفوا حول كون البسملة فى بداية السور لم تتواتر قرآنيتها، وإن اتفقوا على تواتر كتابتها وقراءتها، وفرق بين تواترها من هذا الجانب وتواتر كونها فرآناً.
والحاصل أن الآراء الاجتهادية لا يكفر مخالفها باجتهاد آخر، وإنما الكفر يكون بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، كمن ينكر كون البسملة جزء من آية سورة النمل والله أعلم.

(١) الكشف - ١/٢٢، ٢٣ بتلخيص وتصرف، وأنظر ١/٢٥.


الصفحة التالية
Icon