أعود فأقول: لم هذا النزاع فى البسملة بالذات، وهناك ألفاظ أخرى اختلفت بين القراءات بالزيادة والنقصان؟ وذلك كقوله تعالى: ((فإن الله هو الغنى الحميد)) (١) فلفظة "هو" من القرآن فى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وعاصم وحمزة والكسائى، وليست من القرآن فى قراءة نافع وابن عامر (٢) وعليه فعلى فرض كون البسملة فى فواتح السور آية عند بعض القراء السبعة كابن كثير فإن كونها ليست آية عند البقية الباقية لا يضر فنظير هذا موجود بينهم.
المبحث الخامس
أثر اختلاف القراء فى مواضع
الوقف والابتداء على اختلاف التفسير
الواقع أن باب الوقف والابتداء باب هام جداً يجب على قارئ القرآن الكريم أن يهتم به، إذ هو دليل على فقهه وبصيرته ؛ لأن القارئ قد يقف أحياناً على ما يخل بالمعنى، وهو لا يدرى. أو يبتدئ بما لا ينبغى الابتداء به.
فإن كان ذا بصيرة، فإنه لن يقف إلا على ما يتم به المعنى، اللهم إلا إذا اضطر إلى غير ذلك، فإن عليه حينئذٍ أن يعالج أمره بأن يرجع كلمة أو أكثر أى إلى موضع يجوز الابتداء به، فيستأنف قراءته بادئاً به، ومنتهياً بجملة تفيد معنى يجوز الوقوف عليه.
ومثل ذلك قل أيضاً فى الابتداء.
والهدف من وراء ذلك كله هو عدم الإخلال بنظم القرآن، ولا بما اشتمل عليه من معان. وعلاقة هذا المبحث بالموضوع الذى نتكلم عنه واضحة، وهى أن مواضع الوقف والابتداء مرتبطة بالقراء أصحاب القراءات ؛ لأنهم هم الذين قاموا بتحديد هذه المواضع، ومعهم غيرهم من أهل الفقه والبصيرة بالقرآن. ويضاف إلى ذلك أن مواضع الوقف والابتداء قد تتأثر باختلاف القراءات، فما يكون من الوقف تاماً على قراءة، قد لا يكون كذلك على قراءة أخرى، وسيأتى التطبيق على ذلك فيما هو آت إن شاء الله تعالى.

(١) سورة الحديد : ٢٤.
(٢) ومعهما كذلك أبو جعفر من الثلاثة تتمة العشرة- أنظر: إتحاف فضلاء البشر - ص٥٣٤.


الصفحة التالية
Icon