وشاهدنا من هذه الآية هو قوله سبحانه: ((وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم……)) حيث قال الجمهور(١) : الوقف على قوله: (إلا الله) وقف تام. وقال غيرهم: ليس تاماً بل يوصل بما بعده ولا يوقف عليه.
تفسير الآية على رأى الجمهور:
الله عز وجل فى هذه الآية يذكر لنبيه - ﷺ - وللناس أجمعين أنه أنزل القرآن فيه المحكم الواضح، والمتشابه غير الواضح(٢) ثم بين بعد ذلك أن أهل الزيغ الحاقدين يتبعون هذا المتشابه بهدف التشكيك وإثارة البلبلة بين صفوف المؤمنين، مع أن المتشابه لا يعلمه إلا الله وحده فقط، وعلى ذلك فالجملة التى بعد هذا الوقف وهى قوله: ( والراسخون فى العلم يقولون …….) ليست معطوفة على لفظ الجلالة، بل الواو للاستئناف و "الراسخون" مبتدأ وجملة "يقولون" خبر فالجملة هذه مقطوعة إذن عما قبلها، وقد قال بهذا القول كل من:
ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبدالعزيز وأبى الشعثاء وأبى نهيك، وهو مذهب الكسائى والفراء والأخفش وأبى عبيد وحكاه ابن جرير الطبرى عن مالك واختاره.(٣)
تفسير الآية على رأى غير الجمهور:
(٢) اختلف فى تعريف المحكم والمتشابه على أقوال منها:
أ- المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل، والمتشابه هو ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال.
ب- وقيل: المحكم مالا يحتمل إلا وجهاً واحداً من التأويل، والمتشابه ما احتمل وجوهاً.
ج- وقيل: المحكم هو البين الواضح الذى لا يفتقر إلى غيره، ويقابله المتشابه وهو الذى لا يتبين المراد به من لفظه ولكن يدرك بالبحث والنظر، وقد لا يدرك كالذى استأثر الله بعلمه.
أنظر: الموافقات للشاطبى - ٣/٥٠، ٥١ بتصرف، الإتقان - ٢/٢، إرشاد الفحول - ص٣٢.
(٣) فتح القدير - ١/٣٩٩.