وبناء على رأى غير الجمهور يكون المعنى أن الراسخين فى العلم المتمكنين منه يعلمون أيضاً تأويل المتشابه، فقوله سبحانه ( والراسخون فى العلم يقولون …….)ليس مقطوعاً عما قبله ولكن معطوفاً عليه، فالواو للعطف و "الراسخون" معطوف على لفظ الجلالة و "يقولون" حال. وهذا الرأى منقول عن مجاهد وابن عباس فى قول آخر حيث نقل عنه أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله.
ومن هنا نعلم أن تفسير الآية قد اختلف بناءً على اختلاف القراء حول موضع الوقف فيها. وإن شئت قلت: إن موضع الوقف قد اختلف حسب اختلاف نظرة العلماء إلى تفسيرها، فالتلازم واضح وظاهر بين موضع الوقف والتفسير.
هذا وقد حاول بعض العلماء التوفيق بين الرأيين ومنهم ابن عطية الذى قال: وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق وذلك أن الله تعالى قسم آى الكتاب قسمين: محكماً ومتشابهاً فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب ولا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شئ يلبس ويستوى فى علمه الراسخ وغيره.
والمتشابه يتنوع، فمنه مالا يعلم البتة كأمر الروح وآماد المغيبات التى قد علم الله بوقوعها إلى سائر ذلك، ومنه ما يحمل على وجوه فى اللغة ومناح فى كلام العرب فيتأول تأويله المستقيم، ويزال ما فيه مما عسى أن يتعلق به من تأويل غير مستقيم كقوله تعالى فى عيسى ((وروح منه))(١) إلى غير ذلك، ولا يسمى أحد راسخاً إلا بأن يعلم من هذا النوع كثيراً بحسب ما قدر له، وإلا فمن لا يعلم سوى المحكم فليس يسمى راسخاً.(٢)
(٢) المحرر الوجيز : ١/٤٠٣.